ومن السنة ما رواه البخاري ومسلمٌ عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قال: لما نَزَلَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ على حُكْمِ سَعْد بن مُعَاذٍ، بَعَثَ (إليه) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان قَرِيبًا منه، فَجَاءَ على حِمَارٍ، فلما دَنَا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قُومُوا إلى سَيِّدِكُمْ" فَجَاءَ فَجَلَسَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له:"إِنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا على حُكْمِكَ" قال: فَإِنِّي أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ المُقَاتِلَةُ، وَأَنْ تسبي الذُّرِّيَّةُ، قال:"لقد حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ المَلِكِ"(٣). وفي لفظ لمسلم:"قضيت بحكم الله".
وما رواه أبو داود بسنده عن شُرَيْحٍ عن أبيه هَانِئٍ أنَّهُ لَمَّا وَفَدَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع قَوْمِهِ، سَمِعَهُمْ يَكْنُونَهُ بأَبِي الحَكَمِ، فَدَعَاهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"إِنَّ الله هو الحَكَمُ، وَإِلَيْهِ الحُكْمُ؛ فَلِمِ تُكْنَّى أَبَا الحَكَمِ؟ " فقال: إِنَّ قَوْمِي إذا اخْتَلَفُوا في شَيْءٍ أَتَوْنِي، فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فرَضِيَ كِلَا الفَرِيقَيْنِ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أَحْسَنَ هذا"(٤). ومحل الشاهد إقرار الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتحسينه لتحكيم أبي شريح بين قومه.
(١) سورة المائدة: ٩٥. (٢) سورة النساء: ٣٥. (٣) صحيح البخاري (٣/ ١١٠٧)، كتاب الجهاد، بَاب إذا نَزَلَ العَدُوُّ على حُكْمِ رَجُلٍ، برقم (٢٨٧٨)، وصحيح مسلم (٣/ ١٣٨٨)، كتاب الجهاد والسير، بَاب جَوَازِ قِتَالِ من نَقَضَ العَهْدَ، وَجَوَازِ إِنْزَالِ أهْلِ الحِصْنِ على حُكْمِ حَاكِمٍ عَدْلٍ أَهْلٍ لِلحُكْمِ، برقم (١٧٦٨). (٤) سنن أبي داود (٤/ ٢٨٩)، كتاب الأدب، بَاب في تَغْيِيرِ الِإسْمِ القَبِيحِ، برقم (٤٩٥٥). وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (٣/ ٢١٦)، برقم (٤٦٥٥). وصححه أيضًا في صحيح سنن النسائي (٣/ ٤٣٣)، برقم (٥٤٠٢). وهو في سنن النسائي (المجتبى) (٨/ ٢٢٦)، برقم (٥٣٨٧)، وروا الطبراني في المعجم الكبير (٢٢/ ١٧٩)، برقم (٤٦٦). قال في تحفة المحتاج (٢/ ٥٧٠): صححه ابن حبان.