وأمّا الإِنس (١٧٨) فسُموا: إنساً، لإِيناسهم. وسُمي الجنّ: جنّاً، لاستتارهم. وكذلك سمّت العرب الملائكة جِنّاً، وجِنَّة، لتواريهم عن أعين الناس. قال الله عز وجل:{وجعلوا بينَهُ وبينَ الجِنَّةِ نَسَباً}(١٨٨) . معناه: من قبيلٍ من الملائكة، يقال لهم: الجِنّ. وقال الأعشى (١٩٠) في صفة سليمان بن داود عليهما السلام (١٩١:
(وسَخَّرَ من جِنِّ الملائِك تسعةً ... قياماً لديه يعملون بلا أجرِ)
أراد بالجن: الملائكة، وأضافِهم إليه لاختلاف اللفظتين (١٩٢) .
واشتقاق " الجن " من قول العرب: قد جنَّ عليه الليل، وأجنَّهُ. وربما قالوا: جَنَّهُ، فأسقطوا الألف، وعدّوا الفعل. قال الشاعر (١٩٣) :
(يُوصِّلُ حَبْلَيْهِ إذا الليلُ جنَّهُ ... ليرقى إلى جاراتِهِ بالسلالِمِ)
وربما أوقعت العرب " الجن " على " الإنس "، و " الإنس " على " الجن "، إذا فهم المعنى، ولم يدخله التباس. قال الله عز وجل:{في صدور الناس من ٢٢٩ / أالجِنَّةِ والناسِ}(١٩٤) ، أراد: / في صدور الناس، جنِّهِم وناسِهِم. وقال أيضاً:{وأنّه كانَ رجالٌ من الإِنس يعوذونَ برجالٍ من الجِنِّ}(١٩٥) . وقال الفراء: قال بعض العرب في كلامه: فجاء قوم من الجن، فوقفوا، فقيل لهم: من أنتم؟ فقالوا: أُناسٌ من الجِنِّ.
(١٨٧) اللسان (أنس) . (١٨٨) الصافات ١٥٨. (١٨٩) الكهف ٥٠. (١٩٠) ديوانه ٢٤٣. (١٩١) من ك: وفي الأصل: صلى الله على نبينا وعليه. (١٩٢) ك: اللفظين. (١٩٣) جرير، ديوانه ١٠٠١ وفيه: جن ليله وينظر شرح القصائد السبع ٣٨٦، ٥٨٢ والأضداد ٣٣٤. (١٩٤) الناس ٦. (١٩٥) الجن ٦.