وقد أصاحب فتيانا طعامهم ... حمر المزاد ولحم فيه تنشيم [٢]
يقول: هذا طعامهم في الغزو والسفر البعيد الغاية، وفي الصيف الذي يغيّر الطعام والشراب.
والغزو على هذه الصفة من المفاخر؛ ولذلك قال الأول [٣] : [من مجزوء الكامل]
لا لا أعقّ ولا أحو ... ب ولا أغير على مضر
لكنّما غزوي إذا ... ضجّ المطيّ من الدّبر
وعلى المعنى الأول قول الشاعر [٤] : [من الرجز]
قالت ألا فاطعم عميرا تمرا ... وكان تمري كهرة وزبرا
وعلى المعنى الأول قال حاتم:«هذا فصدي أنه!»[٥] ولذلك قال الرّاجز [٦] : [من الرجز]
لعامرات البيت بالخراب
يقول: هذا هو عمارتها.
[١] ديوان علقمة ٧٧، وأساس البلاغة (نشم) ، والمفضليات ٤٠٣، وبلا نسبة في اللسان والتاج (نشم) ، والتهذيب ١١/٣٨٢. [٢] في ديوانه: «قوله: طعامهم خضر المزاد، فيه قولان: أحدهما أن يكون ماؤهم في مزادة، قد طحلبت لطول الغزو أو السفر وتغيرت؛ والآخر: أن يريد أن الماء نفد عندهم لطول السفر، فكانوا إذا جهدهم العطش افتظّوا الكروش فشربوا ما فيها من الماء؛ وذلك الماء أخضر لما في الكروش من بقية العلف. و «التنشيم» التغيير. ووصف في البيت جلادته، وبعد همته» . [٣] البيتان للحارث بن يزيد جد الأحيمر السعدي، وهما في البيان ٣/٢٠٠، وتقدما في ١/٨٨. [٤] تقدم البيتان في ٤/٣٩٤. [٥] ورد هذا القول في عمدة الحفاظ ١/١٣٤، ٣/١٠٦، وهو من الأمثال في مجمع الأمثال ٢/٣٩٤، وانظر الأغاني ١٧/٣٩١، وديوان حاتم الطائي ٢٧٥، البيت رقم ١٠٤ وتعليق المحقق عليه، والفصد: كانوا يفصدون النوق في الجدب، ويستقبلون موضع الفصد برأس معى، فإذا امتلأ شدوا رأسه وشووه وأكلوه ضرورة. وانظر ما تقدم في ٤/٣٩٤، س ٦. [٦] الرجز بلا نسبة في البيان ١/١٥٢، وديوان المعاني ٢/١٥١، وربيع الأبرار ٥/٤٧٠، وتقدم في ٤/٣٩٤، وسيعيده الجاحظ في الصفحة ١٤١.