عندي قليل ولا كثير» ، و «العير والنّفير»[١] حتى قالوا: الخلّ والزيت، وقالوا: ربيعة ومضر، وسليم وعامر، والأوس والخزرج. وقال الله: لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها
[٢] .
والذي يدلّ على أن ذلك الذي قلنا كما قلنا قول الراعي [٣] : [من البسيط]
حتى إذا هبط الغيطان وانقطعت ... عنه سلاسل رمل بينها عقد
لاقى أطيلس مشّاء بأكلبه ... إثر الأوابد ما ينمي له سبد [٤]
فقدّم السّبد. ثم قال:
يشلي سلوقيّة زلّا جواعرها ... مثل اليعاسيب في أصلابها أود [٥]
وقال الراعي:
أما الفقير الذي كانت حلوبته ... وفق العيال فلم يترك له سبد [٦]
وهو لو قال: لم يترك له لبد، ولو قال: ما ينمي له لبد- لقام الوزن، ولكان له معنى. فدلّ ذلك على أنه إنما أراد تقديم المقدّم.
١٦١١-[مفاخرة بين صاحب الضأن وصاحب الماعز]
قال صاحب الضأن: فخرتم على الضأن بأن الإنسان ذو شعر، وأنه بالماعز أشبه، فالإنسان ذو ألية، وليس بذي ذنب، فهو من هذا الوجه بالضأن أشبه.
قال صاحب الماعز: كما فخرتم [٧] بقوله: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ
[٨] وقلتم: فقد قدّمها، فقال الله: امَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ
[٩] .
[١] العير: ما كان من قريش مع أبي سفيان، والنفير: ما كان منهم مع عتبة بن ربيعة، يوم بدر. [٢] ٤٩/الكهف: ١٧. [٣] ديوان الراعي النميري ٦٩. [٤] أطيلس: تصغير أطلس، وهو من الرجال الدنس الثياب الوسخ، وأراد به هنا الصائد. الأوابد: الوحش. [٥] الزل: جمع زلاء، وهي الخفيفة الوركين. الجاعرة: رأس أعلى الفخذ. الأود: العوج. [٦] وفق العيال: أي لها لبن يكفيهم. [٧] انظر ما تقدم ص ٢٤٢. [٨] ١٤٣/الأنعام: ٦. [٩] ١٣٠/الأنعام: ٦.