وقال الله عزّ وجلّ في كتابه، وذكر أنهار الجنة، فقال: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ. وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى
[٢] . فاستفتح الكلام بذكر الماء، وختمه بذكر العسل. وذكر الماء واللبن فلم يذكرهما في نعتهما ووصفهما إلا بالسلامة من الأسن والتغيّرو وذكر الخمر والعسل فقال: مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ
ومِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى
، فكان هذا ضربا من التفضيل، وذكرها [٣] في مواضع أخر [٤] فنفى عنها عيوب خمر الدنيا. فقال عزّ وجلّ اسمه: لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ
[٥] . فكان هذا القول الأول أظهر دليل على التفضيل.
[باب في القراد]
(باب)
١٥٤٦-[القول في القراد]
يقال:«أسمع من قراد»[٦] و «ألزق من قراد»[٧] و «ما هو إلا قراد ثفر»[٨] . وقال الشاعر [٩] : [من الطويل]
[١] الشح: البخل. [٢] ١٥/محمد: ٤٧. [٣] أي الخمر. [٤] المواضع التي ذكرت فيها الخمر في القرآن هي الآية ٤٧ من الصافات، والآية ٢٣ من الطور، والآيتان ١٨- ١٩ من الواقعة، والآيات ٥- ١٧ من الإنسان. [٥] ١٩/الواقعة: ٥٦. [٦] يقال هذا المثل لأن القراد يسمع أصوات الإبل من مسيرة يوم، والمثل في مجمع الأمثال ١/٣٤٩، وجمهرة الأمثال ١/٥٣١، والمستقصى ١/١٧٣، وفصل المقال ٤٩٢، وأمثال ابن سلام ٣٦٠. [٧] يقال هذا المثل لأن القراد يعرض لاست الجمل فيلزق بها كما يلزق النمل بالخصى، والمثل في مجمع الأمثال ٢/٢٤٩. [٨] الثفر: مؤخر السرج، وهو يشد تحت ذنب الدابة. [٩] البيت للحصين بن القعقاع في اللسان (سنت، قرد) ، والتاج (سنت، ألس) ، والمجمل ٣/٩٤، والتنبيه والإيضاح ١/١٦٥، ٢/٤٧، وللأعشى في الأساس (قرد) ، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في اللسان (بختر، ألس) ، والتاج (بختر) ، والجمهرة ٦٣٦، ١٢١٤، والمقاييس ٣/١٠٤، والمخصص ٣/٨٤، ٨/١٢٢، وديوان الأدب ١/٣٣٢، والتهذيب ١٢/٣٨٥، ١٣/٧١.