٨٤٦-[شعر ومثل في شيب الغراب]
وفي المثل: «لا يكون ذلك حتّى يشيب الغراب» [١] . وقال العرجيّ [٢] : [من الخفيف]
لا يحول الفؤاد عنه بودّ ... أبدا أو يحول لون الغراب
وقال ساعدة بن جؤيّة [٣] : [من الكامل]
شاب الغراب ولا فؤادك تارك ... عهد الغضوب ولا عتابك يعتب
٨٤٧-[نقر الغراب للدماغ والعيون]
ومما يذكر للغراب ما حدّث به أبو الحسن، عن أبي سليم، أنّ معاوية قال لأبي هوذة بن شمّاس الباهليّ: لقد هممت أن أحمل جمعا من باهلة في سفينة ثم أغرقهم! فقال أبو هوذة: إذن لا ترضى باهلة بعدّتهم من بني أمية! قال: اسكت أيّها الغراب الأبقع! وكان به برص، فقال أبو هوذة: إنّ الغراب الأبقع ربّما درج إلى الرّخمة حتى ينقر دماغها، ويقلع عينيها! فقال يزيد بن معاوية: ألا تقتله يا أمير المؤمنين؟
فقال: مه! ونهض معاوية. ثمّ وجهه بعد في سريّة فقتل. فقال معاوية ليزيد: هذا أخفى وأصوب [٤] ! وقال آخر [٥] في نقر الغراب العيون: [من الوافر]
أتوعد أسرتي وتركت حجرا ... يريغ سواد عينيه الغراب
ولو لاقيت علباء بن جحش ... رضيت من الغنيمة بالإياب
وقال أبو حيّة- في أنّ الغراب يسمّونه الأعور تطيّرا منه [٦]-: [من الكامل]
وإذا تحلّ قتودها بتنوفة ... مرّت تليح من الغراب الأعور [٧]
لأنها تخاف من الغربان، لما تعلم من وقوعها على الدّبر.
[١] المستقصى ٢/٥٩، وفصل المقال ٤٧٤، ٤٨٢، وجمهرة الأمثال ١/٣٦٣.
[٢] ديوان العرجي ١١٦، ورواية صدره: (لم أحل عنك ما حييت بودي) .
[٣] البيت لساعدة بن جؤية في شرح أشعار الهذليين ١٠٩٨، واللسان والتاج (شيب، عتب، غضب) ، والعين ٤/٤١٣.
[٤] انظر الخبر في البرصان ٦٩- ٧٠.
[٥] البيتان لعبيد بن الأبرص، والأول في ديوانه ١، والتهذيب ٨/١٨٧، وبلا نسبة في اللسان (روغ) ، والثاني في ديوانه ٢٤، والعمدة ١/١٠٣.
[٦] ديوان أبي حية النميري ٥٩، والمعاني الكبير ٢٦٠، ورواية البيت في ديوانه:
(آلت إذا ما حلّ عنها رحلها ... جعلت تضيف من الغراب الأعور) .
[٧] تليح: تحذر وتشفق.