والثيران، لكثرة ما معها من المعرفة- لكانت القرود، والفيلة والذرّ، والثعالب، أولى بذلك. فلا بد من معرفة، ولا بد من طباع وصنعة.
والحمام يزجلن [١] من لؤلؤة [٢] ، وهنّ بصريّات وبغداديّات، وهنّ جمّاع من هاهنا وهاهنا، فلا تتخذ رئيسا.
١٥٣٧-[طعن ناس من الملحدين في آية النّحل]
وقد طعن ناس من الملحدين، وبعض من لا علم له بوجوه اللغة وتوسّع العرب في لغتها، وفهم بعضها عن بعض، بالإشارة والوحي- فقالوا: قد علمنا أن الشمع شيء تنقله النحل، مما يسقط على الشجر، فتبني بيوت العسل منه، ثم تنقل من الأشجار العسل الساقط عليها، كما يسقط التّرنجبين [٣] ، والمنّ [٤] ، وغير ذلك. إلا أن مواضع الشمع وأبدانه خفيّ. وكذلك العسل أخفى وأقلّ. فليس العسل بقيء ولا رجع [٥] ، ولا دخل للنحلة في بطن قطّ.
ولو كان إنما ذهب إلى أنه شيء يلتقط من الأشجار، كالصّموغ وما يتولد من طباع الأنداء والأجواء والأشجار إذا تمازجت- لما كان في ذلك عجب إلا بمقدار ما نجده في أمور كثيرة.
[١] يزجلن: يرسلن على بعد. [٢] لؤلؤة: قلعة قرب طرسوس. ولؤلؤة: ماء بسماوة كلب. معجم البلدان ٥/٢٦. [٣] الترنجبين: مادة تتجمع فوق بعض النبات شبيهة بالعسل. [٤] المن: قيل هو الترنجبين، وقيل: هو صمغة حلوة تنزل على الشجر. انظر عمدة الحفاظ ٤/١١٥ (منن) . [٥] الرجع: النجو والروث. [٦] ٦٨- ٦٩/النحل: ١٦.