ووجه كلام عليّ بن الحسين الذي رواه عنه سعيد النواء، إن كان صادقا فإنه للذي كان يسمع من الغالية [١] ، من الإفراط والغلوّ والفحش.
فكأنه إنما أراد كسرهم، وأن يحطّهم عن الغلوّ إلى القصد [٢] ؛ فإن دين الله عزّ وجلّ بين التقصير والغلوّ، وإلا فعليّ بن الحسين أفقه في الدين، وأعلم بمواضع الإمامة، من أن يخفى عليه فضل [٣] ما بين عليّ وبين طلحة والزّبير.
١٥٥٩-[شعر ومعرفة في الحبارى]
وقال الكميت [٤] : [من الطويل]
وعيد الحبارى من بعيد تنفّشت ... لأزرق مغلول الأظافير بالخضب [٥]
والحبارى طائر حسن. وقد يتّخذ في الدور.
وناس كثير من العرب وقريش يستطيبون محسيّ الحبارى جدّا.
قال: والحبارى من أشد الطير طيرانا، وأبعدها مسقطا وأطولها شوطا، وأقلّها عرجة [٦] . وذلك أنها تصطاد بظهر البصرة عندنا، فيشقّق عن حواصلها. فيوجد فيه الحبّة الخضراء غضّة، لم تتغير ولم تفسد.
وأشجار البطم [٧] وهي الحبّة الخضراء بعيدة المنابت منّا وهي علوية أو ثغريّة [٨] ، أو جبليّة. فقال الشاعر [٩] : [من المنسرح]
ترتعي الضّرو من براقش أو هيلا ... ن أو يانعا من العتم
[١] الغالية: الذين يغالون ويبالغون في شأن علي بن أبي طالب. [٢] القصد: الاعتدال. [٣] الفضل: الزيادة. [٤] ديوان الكميت ١/١٢٧، والمقاييس ٢/١٢٨. [٥] الأزرق: البازي أو العقاب. المغلول: غل شعره بالطيب أدخله فيه. الخضب: عنى به دماء ما يقتنص من الحيوان. [٦] العرجة: أن تعرج على المنزل وتحتبس. [٧] البطم: شجر في حجم الفستق والبلوط، سبط الأوراق والحطب، يكثر بالجبال، وحبه مفرطح في عناقيد كالفلفل، وعليه قشر أخضر داخله آخر خشبي يحوي اللب كالفستق. [٨] علوية: نسبة إلى عالية نجد، والثغرية نسبة إلى أحد ثغور الشام. [٩] البيت للنابغة الجعدي في ديوانه ١٥١، واللسان والتاج (برقش، هيل، عتم، ضرا) ، والمجمل ٤/٤٦١، والمقاييس ٤/٢٢٥، وكتاب الجيم ٢/٢٩٨، ومعجم البلدان (براقش، هيلان) ، والأمالي ١/١٧٣، والسمط ٤٣١.