وجعله أطلس؛ لأنّه حين تشتدّ ظلمة اللّيل فهو أخفى له، ويكون حينئذ أخبث له وأضرى.
وقال حريز بن نشبة العدويّ، لبني جعفر بن كلاب، وضرب جور الحيّة والذّئب في الحكم مثلا، فقال [٣] : [من البسيط]
كأنّني حين أحبو جعفرا مدحي ... أسقيهم طرق ماء غير مشروب [٤]
ولو أخاصم أفعى نابها لثق ... أو الأساود من صمّ الأهاضيب [٥]
لكنتم معها إلبا، وكان لها ... ناب بأسفل ساق أو بعرقوب [٦]
ولو أخاصم ذئبا في أكيلته ... لجاءني جمعكم يسعى مع الذّيب [٧]
١٠٦١-[فم الأفعى]
قال: والحيّة واسعة الشّحو والفم، لها خطم، ولذلك ينفذ نابها. وكذلك كلّ ذي فم واسع الشّحو، كفم الأسد. فإذا اجتمع له سعة الشّحو وطول اللّحيين، وكان ذا خطم وخرطوم فهو أشدّ له؛ كالخنزير، والذّئب والكلب. ولو كان لرأس الحيّة عظم كان أشدّ لعضّتها، ولكنّه جلد قد أطبق على عظمين رقيقين مستطيلين بفكّها الأعلى والأسفل. ولذلك إذا أهوى الرّجل بحجر أو عصى، رأيتها تلوّي رأسها وتحتال
[١] الأبيات للأسدي في البيان ٢/١٦٠، ولعامر بن لقيط الأسدي في حماسة البحتري ٣٨٠، ومحاضرات الراغب ١/١٧٤. [٢] الأطلس: وهو الذي في لونه غبرة إلى سواد. (القاموس: طلس) . [٣] ورد البيتان الثاني والرابع في البيان ٢/١٦٠ مع نسبتهما إلى الفزاري. [٤] ماء طرق: بالت فيه الإبل وبعرت. (القاموس: طرق) . [٥] لثق: مبتل. (القاموس: لثق) . [٦] ألب القوم إليه: أتوه من كل جانب، وانضم بعضهم إلى بعض. (القاموس: ألب) . [٧] الأكيلة: شاة تنصب ليصاد بها الذئب ونحوه؛ وهي قبيحة. (القاموس: أكل) .