بعض النّاس: قد سوّى بين الذّبّان والنّاس في العجز: وقالوا: فقد يولّد النّاس من التّعفين الفراش وغير الفراش وهذا خلق، على قوله: وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ
[١] وعلى قوله: أَحْسَنُ الْخالِقِينَ*
[٢] وعلى قول الشاعر [٣] : [من الكامل]
وأراك تفري ما خلقت وبع ... ض القوم يخلق ثمّ لا يفري
قيل لهم: إنما أراد الاختراع، ولم يرد التّقدير.
٨١٩-[قول في شعر]
وأمّا قول ابن ميّادة [٤] : [من الطويل]
ألا لا نبالي أن تخندف خندف ... ولسنا نبالي أن يطنّ ذبابها [٥]
فإنّما جعل الذّباب هاهنا مثلا، وقد وضعه في غير موضع تحقير له وموضع تصغير. وهو مثل قوله [٦] : [من الطويل]
بني أسد كونوا لمن قد علمتم ... موالي ذلّت للهوان رقابها
فلو حاربتنا الجنّ لم نرفع العصا ... عن الجنّ حتّى لا تهرّ كلابها
وليس يريد تحقير الكلاب.
ويقال: هو ذباب العين، وذباب السّيف، ويقال تلك أرض مذبّة أي كثيرة الذّباب.
وقال أبو الشّمقمق في هجائه لبعض من ابتلي به [٧] : [من الرمل]
أسمج النّاس جميعا كلّهم ... كذباب ساقط في مرقه
ويقال إن اللبن إذا ضرب بالكندس [٨] ونضح به بيت لم يدخله ذبّان.
[١] ١١٠/المائدة: ٥.
[٢] ١٤/المؤمنون: ٢٣.
[٣] ديوان زهير ٨٢، واللسان (خلق، فرا) ، وعمدة الحفاظ (خلق) ، والمقاييس ٢/٢١٤، ٤/٤٩٧، وديوان الأدب ٢/١٢٣، وكتاب الجيم ٣/٤٩، والمخصص ٤/١١١، والتهذيب ٧/٢٦، ١٥/٢٤٢، وبلا نسبة في الجمهرة ٦١٩، والتاج (فرا) .
[٤] ديوان ابن ميادة ٧٨، وحماسة القرشي ١٤٣، والأغاني ٢/٣٣٣، والمختار من شعر بشار ٣/٥٧٩.
[٥] في ديوانه «تخندف: تهرول، خندف: امرأة إلياس بن مضر واسمها ليلى. الطنين: صوت الذباب» .
[٦] أي ابن ميادة، انظر المصادر في الحاشية قبل السابقة.
[٧] ديوان أبي الشمقمق ١٥٧.
[٨] الكندس: عروق نبات داخله أصفر وخارجه أسود، مقيء مسله جلاء للبهق. «القاموس: كدس» .