وحكى أبو مجيب، ما أصابه من أهله، ثمّ قال: وقد رأيت رؤيا عبّرتها: رأيت كأني طردت أرنبا فانجحرت، فحفرت عنها حتّى استخرجتها، فرجوت أن يكون ذلك ولدا أرزقه، وإنه كانت لي ابنة عمّ هاهنا، فأردت أن أتزوّجها؛ فما ترى؟ قلت:
تزوّجها على بركة الله تعالى. ففعل؛ ثمّ استأذنني أن يقيم عندنا أيّاما؛ فأقام ثم أتاني فقلت: لا تخبرني بشيء حتى أنشدك. ثمّ أنشدته هذه الأبيات [٥] : [من الرجز]
يا ليت شعري عن أبي مجيب ... إذ بات في مجاسد وطيب [٦]
معانقا للرّشأ الرّبيب ... أأقحم الحفار في القليب
أم كان رخوا يابس القضيب
قال: بلى كان والله رخوا يابس القضيب، والله لكأنّك كنت معنا ومشاهدنا!
١٩٦٧-[خصال الفهد]
فأمّا الفهد؛ فالذي يحضرنا من خصاله أنّه يقال إن عظام السّباع تشتهي ريحه [٧] ، وتستدلّ برائحته على مكانه وتعجب بلحمه أشدّ العجب.
وقد يصاد بضروب، منها الصّوت الحسن؛ فإنّه يصغي إليه إصغاء حسنا. وإذا
[١] مردا: جمع أمرد، شمطا، جمع أشمط: وهو الذي اختلط سواد شعره في بياضه. [٢] العضاريط: الخدم والتباع. الثط: جمع أثط؛ وهو القليل شعر اللحية. أضبع: جمع ضبع. مرط: جمع أمرط؛ وهو الخفيف شعر الجسد والحاجبين. هبطن: هزلن. [٣] يهجوهم بضعف الفساء. الهناء: ضرب من القطران تطلى به الإبل. اللعط: الكي بالنار. [٤] خطمه بالسيف: ضربه وسط أنفه. [٥] الرجز الأغاني ٥/٣٤٩. [٦] المجاسد: جمع مجسد؛ وهو الثوب المصبوغ بالجساد أي الزعفران. [٧] تقدم في ٤/الفقرة (٢٢٨) : «والسباع تشتهي رائحة الفهود، والفهد يتغيب عنها..» .