بني العنبر، قال: دعوني حتى أرسل إلى أهلي ليفدوني. قالوا: على ألّا تكلّم الرّسول إلّا بين أيدينا. قال: نعم. قال: فقال للرسول. ائت أهلي فقل: إنّ الشّجر قد أورق.
وقل: إنّ النّساء قد اشتكت وخرزت القرب. ثمّ قال له: أتعقل؟ قال: نعم. قال: إن كنت تعقل فما هذا؟ قال: الليل. قال: أراك تعقل انطلق إلى أهلي فقل لهم: عرّوا جملي الأصهب، واركبوا ناقتي الحمراء، وسلوا حارثا عن أمري- وكان حارث صديقا له- فذهب الرّسول فأخبرهم. فدعوا حارثا فقصّ عليه الرّسول القصة، فقال أمّا قوله:«إنّ الشّجر قد أورق» فقد تسلّح القوم. وأمّا قوله:«إن النساء قد اشتكت وخرزت القرب» فيقول: قد اتخذت الشّكا [١] وخرزت القرب للغزو. وأما قوله:«هذا الليل» فإنّه يقول: أتاكم جيش مثل الليل. وأمّا قوله:«عرّوا جملي الأصهب» فيقول: ارتحلوا عن الصّمّان. وأما قوله:«اركبوا ناقتي الحمراء» فيقول انزلوا الدّهناء وكان القوم قد تهيّؤوا لغزوهم، فخافوا أن ينذرهم، فأنذرهم وهم لا يشعرون فجاء القوم يطلبونهم فلم يجدوهم.
٦١٧-[قصة العطاردي]
وكذلك صنع العطاردي في شأن شعب جبلة [٢] ، وهو كرب بن صفوان؛ وذلك أنه حين لم يرجع لهم قولا حين سألوه أن يقول، ورمى بصرّتين في إحداهما شوك، والأخرى تراب، فقال قيس بن زهير: هذا رجل مأخوذ عليه ألا يتكلّم، وهو ينذركم عددا وشوكة [٣] .
قال الله عزّ وجلّ: وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ
[٤] .
٦١٨-[شعر في صفة الخيل والجيش]
قال أبو نخيلة [٥] : [من الرجز]
لما رأيت الدّين دينا يؤفك ... وأمست القبة لا تستمسك
[١] الشكا: جمع شكوة: وهي وعاء من أدم «القاموس: شكو» . [٢] شعب جبلة: من أيام العرب، وكان لبني عامر وعبس على أسد وذبيان. العمدة ٢/٢٠٣، والأغاني ١١/١٣١، ومعجم البلدان ٢/١٠٤ (جبلة) . [٣] ورد الخبر في الأغاني ١١/١٣٩، ومحاضرات الأدباء ١/١٤٣ (١/٦٧) . [٤] ٧/الأنفال: ٨. [٥] الرجز في طبقات ابن المعتز ٦٤، وديوان المعاني ٢/١١٦، وبلا نسبة في المخصص ٧/٥٥، والجمهرة ٧٩٨.