بأكثر مما بيننا اليوم وبين سليمان بن داود عليهما السلام قالوا: ولكنّكم إذا رأيتم بنيانا عجيبا، وجهلتم موضع الحيلة فيه، أضفتموه إلى الجنّ، ولم تعانوه بالفكر.
وقال العرجيّ [١] : [من البسيط]
سدّت مسامعها بفرج مراجل ... من نسج جنّ مثله لا ينسج [٢]
وقال الأصمعيّ [٣] : السيوف المأثورة هي التي يقال إنها من عمل الجن والشياطين لسليمان بن داود عليهما السلام. فأمّا القوارير والحمامات، فذلك ما لا شك فيه. وقال البعيث [٤] : [من البسيط]
بنى زياد لذكر الله مصنعة ... من الحجارة لم تعمل من الطّين [٥]
كأنّها، غير أنّ الإنس ترفعها ... مما بنت لسليمان الشياطين
وقال المقنّع الكنديّ [٦] : [من البسيط]
وفي الظّعائن والأحداج أملح من ... حلّ العراق وحلّ الشام واليمنا [٧]
جنّيّة من نساء الإنس أحسن من ... شمس النّهار وبدر اللّيل لو قرنا
مكتومة الذكر عندي ما حييت لها ... قد لعمري مللت الصّرم والحزنا
وقال أبو النّجم [٨] : [من الرجز]
أدرك عقلا والرهان عمله ... كأنّ ترب القاع حين تسحله [٩]
صيق شياطين زفته شمأله [١٠]
وقال الأعشى [١١] في المعنى الأوّل، من بناء الشياطين لسليمان بن داود عليهما السلام: [من الطويل]
[١] البيت في ثمار القلوب (١٢٦) ، وديوان العرجي ٦١.
[٢] الفرج: الثوب شقّ من خلفه. المراجل: ثياب عليها صور الرجال.
[٣] ورد هذا القول في اللسان ٤/٩ (ثفر) ، دون ذكر الأصمعي، وتقدم في ١/١٠١، الفقرة (١٢٠) .
[٤] البيتان في ثمار القلوب (١٢٦- ١٢٧) ، والأول في اللسان والتاج (صنع) . والبيت الثاني فيه إقواء.
[٥] المصنعة: ما تصنعه الناس من الآبار والأبنية والقصور.
[٦] ديوان المقنع الكندي ٢١٥، والشعر والشعراء ٧٣٩- ٧٤٠.
[٧] الظعينة: الهودج تكون فيه المرأة. الأحداج: جمع حدج، وهو مركب نحو الهودج.
[٨] ديوان أبي النجم ١٦٦، ١٧١، وديوان المعاني ٢/١٠٩.
[٩] تسحله: تقشره وتنحته.
[١٠] الصيق: الغبار. زفته: طردته واستخفته. الشمأل: ريح الشمال.
[١١] ديوان الأعشى ٢٦٧، ومعجم البلدان ١/٧٦ (الأبلق) ، وثمار القلوب (٧٥١) ، ٢/٦٧ (تيماء) ، والأول في اللسان والتاج (بلق) ، والمخصص ٥/١٢٢، ١٦/٧٤، والثاني في اللسان والتاج (أزج) .