وقد جعلت ضغائنهنّ تبدو ... بما قد كان نال بلا شفيع [١]
مدلّات، يردن النّأي منه ... وهنّ بعين مرتقب تبوع [٢]
ثم أخذ في صفة العقاب، وصار إلى صفة الأرنب فقال:
كأنّ متونهنّ مولّيات ... عصيّ جناح طالبة لموع [٣]
قليلا ما تريث إذا استفادت ... غريض اللّحم عن ضرم جزوع [٤]
ثم قال:
فما تنفكّ بين عويرضات ... تجرّ برأس عكرشة زموع [٥]
تطارد سيد صارات، ويوما ... على خزّان قارات الجموع [٦]
تلوذ ثعالب الشّرفين منها ... كما لاذ الغريم من التّبيع [٧]
نماها العزّ في قطن، نماها ... إلى فرخين في وكر رفيع [٨]
ترى قطعا من الأحناش فيها ... جماجمهنّ كالخشل النّزيع
والزّموع: التي تمشي على زمعاتها: مآخير رجليها قال أبو المفضل: توبّر بيديها، وتمشي على زمعاتها على رجليها، وهي مواضع الثّنن [٩] من الدوابّ، والزّمع المعلّق خلف الظّلف من الشاة والظبي والثور.
[١] في ديوانه: «ضغائنهن: ما في قلوبهن من الحقد عليه. يريد: أنهن كنّ يمكنه منهن بلا حاجة إلى شفيع له في ذلك، فلما حملن أبدين ضغائنهن المخبوءة بما نال منهن من قبل» . [٢] في ديوانه: «مدلات: جمع مدلة، من أدلت المرأة: إذا أبدت غضبا وهي راضية. النأي: البعد» . [٣] في ديوانه: «متونهن: ظهورهن. موليات: مدبرات. عصي جناح: أصول الريش. طالبة: يريد عقابا طالبة للصيد. لموع: من لمع الطائر بجناحيه: حركهما في طيرانه وخفق بما» . [٤] في ديوانه «تريث: تبطئ. غريض اللحم: طريه. الضرم: الشديد الجوع» . [٥] في ديوانه: «عويرضات: اسم موضع كثير الآبار والحياض. العكرشة: الأرنبة الضخمة. زموع: تمشي على زمعتها، وهي الشعرة المدلاة في مؤخر رجلها» . [٦] في ديوانه: «السيد: الذئب. صارات، جمع صارة، وصارة: اسم جبل في ديار بني أسد، وقيل: جبل قرب فيد، وقيل: جبل بين تيماء ووادي القرى. خزان: جمع خرز، وهو ذكر الأرانب. قارات: جمع قارة: وهي الجبل الصغير؛ والأكمة العظيمة الجموع. الجماعات، يريد: جموع أحياء العرب» . [٧] في ديوانه: «تلوذ: تستتر وتفر. الغريم: الذي عليه الدين والذي له الدين جميعا، والمراد هنا الأول. التبيع: صاحب الدين. يعني: أن هذه الثعالب تجد في الهرب من العقاب، كما يجد المدين في الهرب من صاحب الدين» . [٨] في ديوانه: «قطن: جبل بنجد في بلاد بني أسد. الوكر: عش الطائر. رفيع: مرتفع» . [٩] الثنن: جمع ثنّة، وهي شعرات مدلاة في مؤخرة الحافر.