الكلام، حتى نأتي من أصناف النيران على ما يحضرنا، إن شاء الله تعالى.
قالوا: وليس في العالم جسم صرف غير ممزوج، ومرسل غير مركب، ومطلق القوى، غير محصور ولا مقصور، أحسن من النار.
قال: والنار سماوية علوية؛ لأن النار فوق الأرض، والهواء فوق الماء، والنار فوق الهواء.
ويقولون:«شراب كأنه النار» ، و «كأن لون وجهها النار» . وإذا وصفوا بالذكاء قالوا:«ما هو إلا نار» وإذا وصفوا حمرة القرمز [١] وحمرة الذهب قالوا: «ما هو إلا نار» .
قال: وقالت هند [٢] : «كنت والله في أيام شبابي أحسن من النار الموقدة!» .
وأنا أقول: لم يكن بها حاجة إلى ذكر «الموقدة» وكان قولها: «أحسن من النار» يكفيها. وكذلك اتهمت هذه الرواية.
وقال قدامة حكيم المشرق في وصف الذّهن [٣] : «شعاع مركوم [٤] ، ونسم معقود، ونور بصّاص [٥] . وهو النار الخامدة، والكبريت الأحمر»[٦] .
ومما قال العتّابي:«وجمال كل مجلس بأن يكون سقفه أحمر، وبساطه أحمر» .
وقال بشّار بن برد:[من الطويل]
هجان عليها حمرة في بياضها ... تروق بها العينين والحسن أحمر [٧]
وقال أعرابيّ:[من الطويل]
هجان عليها حمرة في بياضها ... ولا لون أدنى للهجان من الحمر
[١] القرمز: صبغ أرمني أحمر، يقال: إنه من عصارة دود يكون في آجامهم، فارسي معرب. [٢] هي هند بنت الخس، والخبر في ثمار القلوب ٦٤٠ (٨٢٨) ، والتمثيل والمحاضرة ٢٦٢، ومحاضرات الأدباء ٢/٢٧٧، وانظر أخبارها في بلاغات النساء ٨٠- ٨٦، والمزهر ٢/٥٤٠- ٥٤٥. [٣] الخبر في محاضرات الأدباء ٢/٢٧٧. [٤] مركوم: مجموع. [٥] بصاص: لمّاع وبرّاق. [٦] الكبريت الأحمر: يسمى حجر الفلاسفة، ويدخل في عمل الذهب عند أهل الصنعة. انظر قاموس الأطبا ١/٧٢، واللسان والتاج (كبرت) ، ومفاتيح العلوم ١٥٠ «حجر الصنعة» . ومن الأمثال قولهم: «أعز من الكبريت الأحمر» ، والمثل في مجمع الأمثال ٢/٤٤، والمستقصى ١/٢٤٥، وجمهرة الأمثال ٢/٣٣. [٧] الهجان: البيضاء، وقوله: «الحسن أحمر» من الأمثال في مجمع الأمثال ١/١٩٩، وجمهرة الأمثال ١/٣٦٦، وفصل المقال ٣٤٤، وأمثال ابن سلام ٣٨، والمستقصى ١/٣١٢.