وروى الشافعي (٢) عن مالك عن عطاء بن يسار؛ أن معاوية بن أبي سفيان باع سقاية من ذهب أو من ورق بأكثر من وزنها، فقال له أبو الدرداء: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن مثل هذا إلا مثلًا بمثل، فقال معاوية: ما أرى بهذا بأسًا. فقال له أبو الدرداء: من يعذرني من معاوية! أخبره عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويخبرني عن رأيه! لا أساكنك بأرض أنت بها، ثم قدم على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فذكر له ذلك، فكتب عمر إلى معاوية: أن لا تبع إلا مثلًا بمثل.
وذكر الشافعي لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الربا في النسيئة" تنزيلًا آخر فقال: يحتمل أنه سئل عن الربا في جنسين مختلفين ربويين بمعنى واحد كالذهب والورق فقال: الربا في النسيئة ويعني: والصورة هذِه، فأدى الراوي قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وترك السؤال.
واستفيد اشتراط الحلول من قوله:"عينًا بعين" وأيضًا فقد قال لهما: "الربا في النسيئة" وأيضًا فقد سبق في حديث أبي سعيد الخدري: "ولا تبيعوا غائبًا منها بناجز".
واستفيد اشتراط التقابض من قوله:"يدًا بيد" وقوله: "ولكن بيعوا الذهب بالورق" إلى أن قال: "يدًا بيد كيف شئتم" يدل على
= مسلم (١٥٨٥/ ٧٨): "لا تبيعوا الدينار بالدينارين، ولا الدرهم بالدرهمين" فلعل المصنف رحمه الله خلط بينهما، والله أعلم. وحديث أبي هريرة رواه مسلم أيضًا (١٥٨٨/ ٨٥، ٨٦). (١) رواه البخاري (٢١٧٧)، ومسلم (١٥٨٤). (٢) "المسند" ص (٢٤٢).