عن [ابن](١) أبي مليكة قال: كتبت إلى ابن عباس من الطائف [في](٢) جاريتين ضربت إحديهما الأخرى ولا شاهد عليهما، فكتب إليَّ أن احبسهما بعد صلاة العصر ثم أقرأ عليهما:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} ففعلت فاعترفت (٣).
[الشرح]
التغليظ مشروع في الأيمان الجارية في الدعاوى توكيدًا للأمر ومبالغة في الزجر، وللتغليظ وجوه، منها: التغليظ بالزمان وهو بأن يؤخر اليمين إلى ما بعد العصر؛ فإن اليمين الفاجرة حينئذٍ أشد عقوبةً، وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم ... وذكر منهم: من حلف على يمين بعد صلاة العصر: لقد أعطى بسلعة كذا وهو كاذب"(٤).
والأثر عن ابن عباس يدل على هذا التغليظ، وكأن الجاريتين وقع منهما أو من إحديهما إجهاض من ضرب، وكانت كل واحدة منهما تحيل الجناية على الأخرى.
وقوله:"ففعلت، فاعترفت" أي: الجانية منهما، واستحب الشافعي لهذا الأثر ونحوه أن يقرأ الحاكم على الحالف قوله تعالى:
(١) سقط من الأصل والمثبت من "المسند". (٢) بياض في الأصل والمثبت من "المسند". (٣) "المسند" ص (١٥٣). (٤) رواه البخاري (٢٣٥٨)، ومسلم (١٠٨). (٥) المائدة: ١٠٦.