وقوله:"وكان كثير الصيام" يريد أنه كان لا يشق عليه الصوم لاعتياده.
وفي الحديثين دلالة ظاهرة على أن الصوم والإفطار جائزان في السفر خلافًا لقول من قال: يسنُّ الإفطار ويروى ذلك عن ابن عمر وابن عباس، وأيهما أولى؟
ذهب جماعة إلا أن الإفطار أولى وبه قال الأوزاعي وأحمد و [ذهب](٢) آخرون إلى أن الصوم أولى وهم الأكثرون، هذا إذا أطاق الصوم؛ فأما من يجهده الصوم فالأولى له الإفطار، وفي مثله قال - صلى الله عليه وسلم -: "ليس من البر الصيام في السفر"(٣) وما روي أنه بلغه أن [بعض الناس قد صام](٤) فقال -عليه السلام -: "أولئك العصاة"(٥) فقد حمله الشافعي على من يصوم ردًّا للرخصة ولا يرى الفطر مباحًا، وقد قدمنا فيه غير هذا.
[الأصل]
[٤٨٤] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سفيان، عن طلحة بن يحيى، عن عمته عائشة بنت طلحة، عن عائشة قالت: دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: إنا خبأنا لك حيسًا. قال:"أما إني كنت أريد الصوم ولكن قرِّبيه"(٦).
(١) كذا في الأصل! ولعلها: وغيره، فتحرفت؛ ففي الباب عن عبد الله بن عمرو، وأبي موسى، وعمران، وابن عمر. والله أعلم. (٢) ليست في "الأصل" والسياق يقتضيها. (٣) رواه البخاريّ (١٩٤٦)، ومسلم (١١١٥/ ٩٢) من حديث جابر. (٤) طمس في الأصل والمثبت من "صحيح مسلم". (٥) رواه مسلم (١١١٤/ ٩٠). (٦) "المسند" ص (١٠٦).