أورد البخاريّ (١) الأثر بلا إسناد وزاد في آخره: وكان يحتجم بالليل.
واختلف الصحابة فمن بعدهم في الحجامة للصائم:
فعن سعد بن أبي وقاص وابن مسعود وعائشة وزيد بن أرقم وأم سلمة أنهم لم يروا بها بأسًا، وبهذا قال أكثر الفقهاء.
وكرهها آخرون منهم: الحسن وابن سيرين ومسروق.
وعن أبي موسى وأنس وابن عمر أنهم كانوا يؤخرونها إلى الليل.
ثم من هؤلاء من قال: إنها تفطر الصائم وبه قال أحمد؛ لما روي عن شداد بن أوس قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - زمان الفتح فرأى رجلًا يحتجم لثمان عشرة خلت من رمضان فقال وهو آخذ بيدي:"أفطر الحاجم والمحجوم"(٢) ويروى الحديث من رواية رافع بن خديج وثوبان وغيرهما، ورواه البخاريّ (٣) عن الحسن عن غير واحد مرفوعًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على تلون فيه، ويدل على ما ذهب إليه الأكثرون ما روي عن ابن عباس؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو صائم محرم أخرجه البخاريّ
(١) "صحيح البخاريّ" (ك. الصيام- باب الحجامة والقيء للصائم) تعليقًا. (٢) رواه أبو داود (٢٣٦٩)، والنَّسائيّ في "الكبرى" (٣١٣٨)، وصححه ابن حبان (٣٥٣٣)، والحاكم (١/ ٥٩٠) على شرطهما. قال البخاريّ كما في "علل الترمذي" (١/ ١٢٢): ليس في الباب شيء أصح من حديث شداد بن أوس وثوبان. فقلت له (أي الترمذي) كيف بما فيه من الاضطراب فقال: كلاهما عندي صحيح ... قال أبو عيسى: وهكذا ذكروا عن علي بن المديني أنه قال: حديث شداد وثوبان صحيحان. (٣) "صحيح البخاريّ" باب الحجامة تعليقًا.