كان إنما يضعها في يد الرحمن فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه، حتى أن اللقمة لتأتي يوم القيامة وإنها لمثل الجبل العظيم، ثم قرأ {أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ}(١).
[الشرح]
هذا حديث متفق على صحته في فضائل الصدقة (٢).
وقوله:"ولا يقبل الله إلا طيبًا، ولا يصعد إلى السماء إلا طيب" من الكلام المعترض يعني: أن المقبول من الصدقة الطيب كالمقبول من سائر الأعمال واللفظة الثانية توافق قوله تعالى {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}(٣).
وقوله:"في يد الرحمن" محمول على القبول أو الإنعام (٤)، كقوله:"يبسط يده لمسيء النهار"(٥).
وتربيتها: مضاعفة أجرها حتى تصير اللقمة كالجبل العظيم.
والفلُوّ: المهر، سمي به لأنه يُفلى عن أمه، أي: يعزل، وفي رواية القاسم بن محمَّد عن أبي هريرة:"كما يربي أحدكم مهره أو فصيله حتى تصير اللقمة مثل أحد"(٦).
(١) "المسند" ص (١٠٠). (٢) أخرجه البخاري (١٤١٠)، ومسلم (١٠١٤). (٣) فاطر:١٠. (٤) هذا تأويل من المصنف رحمه الله، ومذهب أهل السنة والجماعة إثبات ما أثبته الله لنفسه من غير تشبيه ولا تكييف ولا تعطيل ولا تحريف، قال تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}، وقال تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}. (٥) رواه مسلم (٢٧٥٩) من حديث أبي موسى مرفوعًا: "إن الله -عَزَّ وَجَلَّ- يبسط يده بالليل ... ". (٦) رواها ابن حبان (٣٣١٧). وهي أيضًا في رواية سعيد بن يسار عنه.