والحج بهما، ويبين ما ذكرنا أن المراد أنه قد يكون تسعًا وعشرين: ما في "الصحيحين"(١) من حديث شعبة، عن الأسود بن قيس، عن سعيد بن عمرو، عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"إنا أمة أمية لا نكتُب ولا نحسبُ الشهر هكذا [و](٢) هكذا" يعني: مرَّة تسعًا وعشرين ومرَّة ثلاثين.
قوله:"فإن غم عليكم" أي: خفي لستر الغمام إياه، يقال: غممت الشيء أي: غطيته فهو مغموم، وفي بعض روايات مسلم:"فإن أغمي عليكم" ويروى: "فإن غمِّي" أي: لبس وستر من إغماء المريض، يقال: غمي عليه وأغمي، ورواه بعضهم:"فإن عمي عليكم" بعين غير معجمة أي: التبس، وفي بعض روايات "الصحيح للبخاري": "فإن غُبي عليكم" بالباء، ويروي:"فإن غَبي" أي: خفي.
وقوله:"فاقدروا له" تكسر الدال منه وتضم وهو بمعنى التقدر، ويقال: قدرتُ الأمر أقدُرُه وأقدِرهُ تقدرًا إذا نظرت فيه وتدبرته، ومنه قوله في دعاء الاستخارة:"واقدر لي الخير"(٣) ويروى ذلك بالضم والكسر أيضًا، ومنه قول عائشة:"فاقدروا قدر الجارية الحديثة السنن"(٤) أي: انظروا وقدّروا طول مقامها بمثل ذلك، ثم المعنى عند المعظم: التقدير بإكمال العدد ثلاثين، وعلى هذا فقوله:"فاقدروا له" وقوله: "فأكملوا العدة ثلاثين" عبارتان عن معبر واحد، وقال بعضهم: المراد التقدير بحساب سير القمر في المنازل فإنه يتبين به
(١) رواه البخاريّ (١٩١٣)، ومسلم (١٠٨٠/ ١٥). (٢) سقط من "الأصل". والمثبت من "الصحيح". (٣) رواه البخاريّ (١١٦٦) من حديث جابر. (٤) رواه البخاريّ (٥٢٣٦)، ومسلم (٨٩٢/ ١٨).