زطاّ (١) في بعض الطريق فقال: ما هؤلاء؟ قالوا: هؤلاء الزّطّ، قال: ما رأيت شبههم إلاّ الجنّ ليلة الجن، وكانوا مستثفرين يتبع بعضهم بعضا. صحيح (٢).
يقال: استثفر الرجل بثوبه، إذا أخذ ذيله من بين فخذيه إلى حجزته فغرزه. وكذا يقال في الكلب، إذ جعل ذنبه بين فخذيه، ومنه قوله للحائض: استثفري.
وقال عثمان بن عمرو بن فارس، عن مستمر بن الرّيان، عن أبي الجوزاء، عن ابن مسعود قال: انطلقت مع رسول الله ﷺ ليلة الجنّ، حتى أتى الحجون فخطّ عليّ خطّا، ثم تقدّم إليهم، فازدحموا عليه، فقال سيّد لهم يقال له وردان: إنّي أنا أرحّلهم عنك، فقال: إنّي لن يجيرني من الله أحد (٣).
وقال زهير بن محمد التميميّ، عن ابن المنكدر، عن جابر قال: قرأ رسول الله ﷺ سورة الرحمن، ثم قال: ما لي أراكم سكوتا، للجنّ كانوا أحسن ردّا منكم، ما قرأت عليهم هذه الآية من مرّة ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ إلاّ قالوا: ولا بشيء من نعمك ربّنا نكذب، فلك الحمد. زهير ضعيف (٤).
وقال عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن العاص، عن جدّه سعيد، قال: كان أبو هريرة يتبع رسول الله ﷺ بأداوة لوضوئه. فذكر الحديث، وفيه: أتاني جنّ نصيبّين فسألوني الزّاد، فدعوت الله لهم أن لا يمرّوا بروثة ولا بعظم إلاّ وجدوا طعاما. أخرجه البخاري (٥). ويدخل هذا الباب في باب شجاعته ﷺ وقوّة قلبه.
ومنه حديث محمد بن زياد، عن أبي هريرة، عن النّبيّ ﷺ قال: إنّ عفريتا من الجنّ تفلّت عليّ البارحة ليقطع عليّ صلاتي، فأمكنني الله منه،
(١) جنس من السودان والهنود. (النهاية). (٢) دلائل النبوة ٢/ ٢٣١. (٣) نفسه. (٤) التاريخ الصغير ٢٠٣، والكامل لابن عدي ٣/ ١٠٧٣، ودلائل النبوة ٢/ ٢٣٢. (٥) البخاري ٥/ ٥٩، ودلائل النبوة ٢/ ٢٣٣.