قال حاتم بن إسماعيل، عن يعقوب بن مجاهد أبي حزرة، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصّامت قال: خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحيّ من الأنصار، قبل أن يهلكوا، فكان أوّل من لقينا أبو اليسر صاحب رسول الله ﷺ ومعه غلام له. فذكر الحديث، ثم قال: حتى أتينا جابر بن عبد الله في مسجده فقال: سرنا مع رسول الله ﷺ حتّى نزلنا واديا أفيح، فذهب رسول الله ﷺ يقضي حاجته واتّبعته بإداوة من ماء، فنظر رسول الله ﷺ فلم ير شيئا يستتر به، وإذا شجرتان بشاطئ الوادي، فانطلق رسول الله ﷺ إلى إحديهما، فأخذ بغصن من أغصانها فقال: انقادي عليّ بإذن الله، فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده، حتى أتى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصن من أغصانها فقال: انقادي عليّ بإذن الله، فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمنصف (١)، فيما بينهما، لأم بينهما فقال: التئما عليّ بإذن الله، فالتأمتا، قال جابر: فخرجت أحضر (٢) مخافة أن يحسّ رسول الله ﷺ بقربي - يعني فيبتعد - فجلست أحدث نفسي، فحانت منّي لفتة، فإذا أنا برسول الله ﷺ مقبلا، وإذا الشجرتان قد افترقتا، فرأيت رسول الله ﷺ وقف وقفة فقال برأسه هكذا، يمينا وشمالا، ثمّ أقبل، فلما انتهى إليّ قال: يا جابر هل رأيت مقامي؟ قلت: نعم يا رسول الله، قال: فانطلق إلى الشجرتين فاقطع من كلّ واحدة غصنا فأقبل بهما، حتى إذا قمت مقامي فأرسل غصنا عن يمينك وغصنا عن يسارك، قال: فقمت
(١) على هامش الأصل: "نصف الطريق". (٢) أي: أعدو وأجري.