في سنة سبع وعشرين.
وكان إبراهيم بن محمد التيمي قاضي البصرة يقول: الخلفاء ثلاثة: أبو بكر الصديق يوم الردة، وعمر بن عبد العزيز في رد مظالم بني أمية، والمتوكل في محو البدع وإظهار السنة.
وقال يزيد بن محمد المهلبي: قال لي المتوكل: يا مهلبي، إن الخلفاء كانت تتصعب على الناس ليطيعوهم، وأنا ألين لهم ليحبوني ويطيعوني.
وحكى الأعسم أن علي بن الجهم دخل على المتوكل وبيده درتان يقلبهما، فأنشده قصيدة له يقول فيها:
وإذا مررت ببئر عر … وة فاسقني من مائها
قال: فدحا إلي بالدرة، فقلبتها، فقال: تستنقص بها! وهي والله خير من مائة ألف. قلت: لا والله، ولكني فكرت في أبيات أعملها آخذ بها الأخرى. فقال: قل. فأنشأت أقول:
بسر من رأى إمام عدل … تغرف من بحره البحار
يرجى ويخشى لكل خطب … كأنه جنة ونار
الملك فيه وفي بنيه … ما اختلف الليل والنهار
يداه في الجود ضرتان … عليه كلتاهما تغار
لم تأت منه اليمين شيئا … إلا أتت مثلها اليسار
قال: فدحاها إلي وقال: خذها، لا بارك الله لك فيها.
قال الخطيب أبو بكر (١): ورويت هذه الأبيات للبحتري في المتوكل.
وعن مروان بن أبي الجنوب أنه مدح المتوكل، فأمر له بمائة ألف وعشرين ألفا، وبخمسين ثوبا.
وقال علي بن الجهم: كان المتوكل مشغوفا بقبيحة لا يصبر عنها، فوقفت له يوما، وقد كتبت على خدها بالغالية جعفر. فتأملها ثم أنشأ يقول:
وكاتبة في الخد بالمسك جعفرا … بنفسي محط المسك من حيث أثرا
= المعتصم أمير المؤمنين".
(١) تاريخه ٨/ ٤٩، وعنه نقل عظم هذه الترجمة.