إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى … ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه (١)
وقد سأل أبو حاتم السجستاني أبا عبيدة: أمروان بن أبي حفصة أشعر، أم بشار بن برد؟ فقال: حكم بشار لنفسه بالاستظهار؛ لأنه قال ثلاثة عشر ألف بيت جيد، ولا يكون لشاعر هذا العدد لا في الجاهلية، ولا الإسلام، ومروان أمدح للملوك.
ولبشار:
خليلي ما بال الدجى لا يزحزح … وما بال ضوء الصبح لا يتوضح
أضل النهار المستنير طريقه … أم الدهر ليل كله ليس يبرح
وقد ساق صاحب الأغاني (٢) لبشار ستة وعشرين جَدًّا كلهم أعاجم، وأسماؤهم فارسية.
وقيل: أصله من طخارستان من سبي الملهب بن أبي صفرة، فولد بشار على الرق فأعتقته إمرأة من بني عقيل.
وكان جاحظ الحدقتين، قد تغشاهما لحم أحمر، وكان عظيم الخلقة.
ويقال: أنه مدح المهدي فاتهمه بالزندقة، وما هو منها ببعيد، فأمر به فضرب سبعين سوطا، فمات منها.
ويقال عنه: إنه كان يفضل النار، ويصوب إبليس في امتناعه من السجود، ويقول:
الأرض مظلمة والنار مشرقة … والنار معبودة مذ كانت النار
وهو القائل:
هل تعلمين وراء الحب منزلة … تدني إليك فإن الحب أقصاني
وله:
أنا والله لأشتهي سحر عينيك … وأخشى مصارع العشاق
وله:
(١) الأبيات في الأغاني ٣/ ١٩٧، وتاريخ الخطيب ٧/ ٦١٣. (٢) الأغاني ٣/ ١٣٥.