لله قوم بجرعاء الحِمى غُيُّبُ … جنوا عليَّ ولما أنْ جنوا عتبوا
يا قوم هُمْ أخذوا قلبي فلم سخطوا … وأنهم غصبوا عيشي فلم غضبوا
هُمُ العُريبُ بنجدٍ مُذ عرفتهم … لم يبق لي معهم مالٌ ولا نشبُ
شاكون للحرب لكن من قُدودهم … وفاترات اللحاظ السُّمر والقضبُ
فما أَلَمُّوا بحيٍّ أو ألمَّ بهم … إلّا أغاروا عَلَى الأبيات وانتهبوا
عهدت فِي دمن البطْحاء عهد هوى … إليهم وتمادت بيننا حقبُ
فما أضاعوا قديمَ العهد بل حفظوا … لكنْ لغيري ذاك العهد قد نسبوا
من مُنصفي من لطيفٍ فيهم غنجٌ … لَدْن القوام لإسرائيل ينتسبُ
مبدل القول ظلماً لا يفي بموا … عيد الوصال ومنه الذَّنب والغضبُ
فِي لثْغة الراء (١) منه صِدق نسبته … والمنُّ منه يزور الوعد والكذبُ
موحدٌ فيرى كلَّ الوجود لَهُ … مُلكًا ويبطل ما يقضي به الرتبُ (٢)
فعن عجائبه حدّث ولا حَرَج … ما ينقضي فِي المليح المطْلق العجبُ
بدرٌ ولكن هلالًا لاح إذ هو بالـ … ـوردي من شَفَق الخدَّين منتقبُ
فِي كأس مَبْسَمه من حلو ريقته … خمرٌ ودُرُّ ثناياه بها حببُ
فلفظه أبدًا سكران يُسمعنا … من مُعرب اللَّحن ما ينسى له الأدبُ
تجني لواحظه فينا ومنطقه … جنايةً يُجتنى من مرّها الضربُ
قد أظهر السّحر فِي أجفانه سقمًا … البُرْءُ منه إذا ما شاء والعطبُ
حُلْو الأحاديث والألفاظ ساحرها … تُلقى إذا نطق الألواح والكتبُ
لم يبق منطقه قولا يروق لنا … لقد شكت ظلمه الأشعار والخطب
فداؤه ما جرى فِي الدّمع من مهج … وما جرى في سبيل الحبّ محتسبُ
وَيْح المتيَّم شام البرق من أضمٍ … فهزه كاهتزاز البارق الحربُ
وأسكن البرق من وجدٍ ومن كلفٍ … فِي قلبه فهو فِي أحشائه لهبُ
فكلّما لاح منه بارقٌ بعثت … قطْر المدافع من أجفانه سحبُ
وما أعاد نسيمات الغوير لَهُ … أخبار ذي الأثل إلّا هزّه الطربُ
(١) كتب المصنف في الحاشية: "وكان نجم الدُّين ألثغ بالراء"
(٢) كتب المصنف في الحاشية أنه في نسخة أخرى: "النسب".