لأبايعك؛ فإنك أمين هذه الأمة على لسان رسول الله ﷺ. فقال أبو عبيدة لعمر: ما رأيت لك فهة (١) قبلها منذ أسلمت، أتبايعني وفيكم الصديق وثاني اثنين؟
وروي نحوه عن مسلم البطين عن أبي البختري.
وقال ابن عون عن ابن سيرين: قال أبو بكر لعمر: ابسط يدك نبايع لك. فقال له عمر: أنت أفضل مني! فقال أبو بكر: أنت أقوى مني. قال: إن قوتي لك مع فضلك.
وقال يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم أن النبي ﷺ لما توفي اجتمعت الأنصار إلى سعد، فأتاهم أبو بكر وجماعة، فقام الحباب بن المنذر وكان بدريا، فقال: منا أمير ومنكم أمير.
وقال وهيب: حدثنا داود بن أبي هند عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: لما توفي رسول الله ﷺ قام خطباء الأنصار، فجعل منهم من يقول: يا معشر المهاجرين، إن رسول الله ﷺ كان إذا استعمل رجلا منكم قرن معه رجلا منا، فنرى أن يلي هذا الأمر رجلان منا ومنكم. قال: وتتابعت خطباء الأنصار على ذلك. فقام زيد بن ثابت، فقال: إن رسول الله ﷺ كان من المهاجرين، وإنما يكون الإمام من المهاجرين، ونحن أنصاره كما كنا أنصار رسول الله ﷺ.
فقام أبو بكر فقال: جزاكم الله خيرا من حي يا معشر الأنصار وثبت قائلكم، أم والله لو فعلتم غير ذلك لما صالحناكم. ثم أخذ زيد بيد أبي بكر فقال: هذا صاحبكم فبايعوه.
قال: فلما قعد أبو بكر على المنبر نظر في وجوه القوم فلم ير عليا، فسأل عنه، فقام ناس من الأنصار فأتوا به. فقال أبو بكر: ابن عم رسول الله ﷺ وختنه، أردت أن تشق عصا المسلمين؟ فقال: لا تثريب يا خليفة رسول الله! فبايعه.
ثم لم ير الزبير، فسأل عنه حتى جاؤوا به، فقال: ابن عمة رسول الله ﷺ وحواريه، أردت أن تشق عصا المسلمين؟ فقال: لا تثريب يا خليفة رسول الله! فبايعاه (٢).
(١) كتب المصنف في حاشية نسخته: "الفَهَة مُخَفَّفَة: ضَعْف الرأي". (٢) هكذا بخط المؤلف، وكان الأولى أن يقول: "فبايعه" إذ سبق أن ذكر بيعة علي.