بقباء بقّية يومه وثلاثة أيام، وخرج يوم الجمعة على ناقته القصواء. وبنو عمرو بن عوف يزعمون أنّه لبث فيهم ثماني عشرة ليلة (١).
وقال زكريّا بن إسحاق: حدثنا عمرو بن دينار، عن ابن عبّاس قال: مكث رسول الله ﷺ بمكة ثلاث عشرة، وتوفّي وهو ابن ثلاث وستّين. متّفق عليه (٢).
وقال سفيان بن عيينة: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاريّ، عن عجوز لهم، قالت: رأيت ابن عبّاس يختلف إلى صرمة بن قيس (٣) الأنصاريّ، كان يروي هذه الأبيات:
ثوى في قريش بضع عشرة حجّة … يذكّر لو ألفى صديقا مواتيا
ويعرض في أهل المواسم نفسه … فلم ير من يؤوي ولم ير داعيا
فلمّا أتانا واطمأنت به النوى … وأصبح مسرورا بطيبة راضيا
وأصبح ما يخشى ظلامة ظالم … بعيد ولا يخشى من النّاس راعيا
بذلنا له الأموال من جلّ مالنا … وأنفسنا عند الوغى والتآسيا
نعادي الذي عادى من النّاس كلّهم … جميعا وإن كان الحبيب المواسيا
ونعلم أنّ الله لا شيء غيره … وأن كتاب الله أصبح هاديا (٤)
وقال عبد الوارث: حدثنا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: أقبل نبيّ الله ﷺ إلى المدينة، وهو مردف أبا بكر، وأبو بكر شيخ يعرف، ونبيّ الله ﷺ شاب لا يعرف - يريد دخول الشّيب في لحيته دونه لا في السّنّ - قال أنس: فيلقى الرجل أبا بكر فيقول: يا أبا بكر من هذا الرجل الذي بين يديك؟ فيقول: هذا رجل يهديني السّبيل، فيحسب الحاسب أنّه يعني الطّريق، وإنّما يعني طريق الخير. فإذا هو بفارس قد لحقهم، فقال: يا نبيّ الله هذا فارس قد لحق، فقال: اللهمّ اصرعه، فصرعه فرسه، ثمّ قامت
(١) دلائل النبوة ٢/ ٥١٢. (٢) البخاري ٥/ ٧٣، ومسلم ٧/ ٨٨، ودلائل النبوة ٢/ ٥١٢. (٣) انظر الإصابة لابن حجر ٣/ ٤٢٢ - ٤٢٣. (٤) ابن هشام ١/ ٥١٢، ودلائل النبوة ٢/ ٥١٣ - ٥١٤.