للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَذَهَبَ قَوْمٌ مَذْهَبَ النَّسْخِ، فَأَخَذُوا بِحَدِيثِ ابْنِ عُكَيْمٍ لِقَوْلِهِ فِيهِ: قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ) (١).

هَذَا هو الدَّليلُ القويُّ لأصحاب هذا المذهب، الَّذين قالوا: كلُّ جلد ميتة دُبِغَ أو لم يُدْبغ؛ فهو نجسٌ؛ عملًا بهذا الحديث.

قوله: (وَذَهَبَ قَوْمٌ مَذْهَبَ التَّرْجِيحِ لِحَدِيثِ مَيْمُونَةَ، وَرَأَوْا أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ زِيَادَةً عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ).

إذًا، الَّذينَ يُقدِّمون حديث عبد الله بن عكيم يقولون بالنسخ، ولا مسلك لهم ولا مخرج إلَّا هذَا، حيث يقولون بأن حديث عبد الله بن عكيم جاء متأخرًا قبل موت الرسول - صلى الله عليه وسلم - بشهرٍ أو شهرين؛ فيكون متأخرًا، ويكون آخر الأمرين منه - صلى الله عليه وسلم -؛ فيكون ناسخًا لتِلْكَ الأحَاديث، وهذا الحديث رواه الخمسة (٢)، وحسَّنه العلماء (٣)، ولا شك في صحة إسناده، وإن كان هناك بعض العلماء يتكلم فيه مِن حيث السند، لكن الصحيح بعد التحقيق أنه حديث حسن أو صحيح، لَكن وجود الاضطراب وغيره مما سبق بيانه هذه كلها أجاب عنها العلماء، لكن هناك الطريق الذي يوصل إليه، ألا وهو طريق الجمع، فلَا نرى تعارضًا بينه وبين تلك الأحاديث؛ لأنَّ وجودَ


(١) وهو مذهب والمالكية والحنابلة.
يُنظر: "الشرح الصغير" للدردير (١/ ٥١) حيث قال: "والجلد من حيٍّ أو ميتٍ كذلك نجس ولو دبغ، فلا يُصَلَّى به أو عَلَيه لنجاسته، وَمَا وَرَدَ من نحو قوله عليه الصلاة والسلام: "أيما إهاب (أي: جلد) دبغ، فقد طهر" فمحمول على الطهارة اللغوية لا الشرعية في مشهور المذهب ".
يُنظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٤٩) حيث قال: "قال أبو القاسم رحمه الله: (وكل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس) لا يختلف المذهب في نجاسة الميتة قبل الدبغ، ولا نعلم أحدًا خالف فيه، وأما بعد الدبغ فالمشهور في المذهب أنه نجس أيضًا".
(٢) أخرجه أبو داود (٤١٢٨) والنسائي (٤٢٤٩) والترمذي (١٧٢٩) وابن ماجه (٣٦١٣) وأحمد في "مسنده" (١٨٧٨٠)، وصححه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل " (٣٨).
(٣) انظر: "إرواء الغليل " (١/ ٧٦) (٣٨) للأَلْبَانيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>