للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا، مِن حيث الجملة نحن نرى أن القول الحق في ذلك هو قول الذين يقولون بجواز الانتفاع بجلود الميتة، والأحاديث في ذلك صحيحةٌ وصَرِيحَةٌ، وبذلك يمكن ولا يتعذَّر الجمع بين أدلة الجمهور، وبين حديث عبد الله بن عكيم الذي نهَى أن ينتفع من الميتة أو الذي أمر ألَّا ينتفع من الميتة بإهاب ولا عصب.

قوله: (وَفِي بَعْضِهَا الأَمْرُ بِالانْتِفَاعِ بِهَا بَعْدَ الدِّبَاغِ، وَالمَنْعُ قَبْلَ الدِّبَاغِ، وَالثَّابِتُ فِي هَذَا البَابِ هُوَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- قَالَ: "إِذَا دُبِغَ الإِهَابُ، فَقَدْ طَهُرَ" (١)، فَلِمَكَان اخْتِلَافِ هَذِهِ الآثَارِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِهَا، فَذَهَبَ قَوْمٌ مَذْهَبَ الجَمْعِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ).

يَعْني: مَنْ ذهَب مذهبَ الجمع، جمعَ بين الأدلة التي فيها "أنَّ الجلد إذا دُبغ، فقد طهر" التي تشير إلىَ طهارة الجلد إذا دبغ، وبين حديث عبد الله بن عكيم الذي أشَار إليه المؤلف وَذَكرناه فيما مضَى "ألَّا ينتفعَ من الميتة بإهابٍ، ولا عصبٍ".

قوله: (أَعْنِي أَنَّهُمْ فَرَّقُوا فِي الانْتِفَاعِ بِهَا بَيْنَ المَدْبُوغِ وَغَيْرِ المَدْبُوغِ).

أَيضًا الَّذين يَستدلُّون بحديث عبد الله بن عكيم يستدلُّون أيضًا بما وَرَد في بعض روَايات حديث ميمونة، "إنما حرم أكلها" (٢).


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه مسلم (٣٦٣) عن ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجد شاةً ميتةً أعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة، فقال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "هلا انتفعتم بجلدها"، قالوا: إنها ميتة، فقال: "إنما حرم أكلها".
وأخرجه البخاري (٢٢٢١) عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بشاة ميتة، فقال: "هلا استمتعتم بإهابها؟ "، قالوا: إنها ميتة. قال: "إنما حرم أكلها".

<<  <  ج: ص:  >  >>