ومن شواهده كذلك قول عليٍّ - رضي الله عنه - للحكمين:"إن شئتما جمعتما وإن شئتما فرقتما"(١).
وكذلك قول عثمان - رضي الله عنه - عندما أرسل عبد الله بن عباس ومعاوية بن أبي سفيان حَكَمَين بين عقيل بن أبي طالب وزوجته فاطمة بنت عتبة بن ربيعة، حيث قال لهما:"إن شئتما فرقتما"(٢).
هل الحَكَمان هما الوكيلان أم غيرهما؟
على خلافٍ في ذلك، فبعض أهل العلم يرى أنهما الوكيلان، وبعضهم يرى غير ذلك؛ فالذين قالوا بأنهما الوكيلان احتجوا بنصّ الآية:{فَابْعَثُوا حَكَمًا}[النساء: ٣٥]، ولفظ:(حَكَم) صفةٌ مشبَّهةٌ على وزن (فَعَل)، فتدلّ على الثبات والدوام، بخلاف لفظ:(حَاكِم) على وزن (فاعل) الذي يدلّ على التجدد والحدوث، ومن المعلوم عند أهل اللُّغة أن الصفة المشبَّهَة أقوى من اسم الفاعل (٣).
(١) أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (١٠/ ٢٩٣) ولفظه: "إن رأيتما أن تجمعا أن تجمعا، وإن رأيتما أن تفرقا أن تفرقا" وصححه ابن الملقن في "البدر المنير" (٥٣١٨). (٢) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٠٦) وفيه: "إن رأيتما أن تفرقا فرقتما، وإن رأيتما أن تجمعا جمعتما". (٣) انظر: "شرح الرضي على الكافية" (٣/ ٤٣١)، وفيه: " (قال ابن الحاجب:) (الصفة المشبهة: ما اشتق من فعل لازم، لمن قام به على معنى) (الثبوت)، (قال الرضي:) قوله: (من فعل)، أي: مصدر، قوله: (لازم)، يخرج اسمي الفاعل والمفعول المتعديين، قوله: (لمن قام به)، يخرج اسم المفعول اللازم المعدَّى بحرف الجر، كمعدول عنه، واسم الزمان والمكان والآلة، قوله: (على معنى الثبوت)، أي: الاستمرار واللزوم، يخرج اسم الفاعل اللازم، كقائم وقاعد، فإنه مشتق من لازم لمن قام به، لكن على معنى الحدوث".