المؤلف رَحِمَهُ اللهُ يذكر هنا مسألة حيض الحَامِل:
فقَدْ سَبَق أنْ ذكَرنا في المقدمات التمهيدية لهذا الكتاب أن المرأة إذا حَمَلتْ، تَحوَّل دمُ حَيْضها السابق إلى غذاءٍ لجَنِينِها، فإذا وَلدتْ تحوَّل إلى لبنٍ لإرضاعِهِ، فَعَلَى هذا: هل لو رأت الحامل دمًا أثناء حملها، يعتبر دم حيض؟ أو دم فساد؟ فأكثر الفقهاء يَرَون أن الحاملَ لا تحيض.
وأما الأئمة الأربعة (١)، فانقسموا في ذلك إلى قسمين:
فالمالكية والشافعية: يرون أن الحامل تحيض.
والحنفية والحنابلة: يرون أنها لا تحيض.
ولكلٍّ وجهة، وأدلة يتمسك بها.
والأدلة -وَإِنْ لم تكن من حيث التنصيص أدلة صريحة على المُدَّعَى - لكنَّها أيضًا لها مفهومٌ يتمسك بها أهل القول الثاني، والآخرون يردون ذلك القول.
[أدلة المالكية والشافعية]
مما استدل به مَنْ ذهب إلى أن الحامل تحيض:
الدليل الأول:
قالوا: هي ترى دمًا، تنطبق عليه أوصاف دم الحيض، فدم الحيض معروف؛ وصفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقَوْله:"فإنه دم أسود يعرف"(٢)،
(١) سيأتي ذكر أقوال كلِّ مذهبٍ قريبًا. (٢) أخرجه أبو دود (٣٠٤)، والنسائي (٢١٥)، عن فاطمة بنت أبي حبيشٍ أنها كانت تستحاض، فَقَال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان دم الحيض، فإنه دم أسود يعرف، فإذا كان=