للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: قَالوا: هو مضطربٌ، ووجه اضطرابه أنه وَرَد قبل موته بشهر مرة، وبشهرين مرة، وبأربعين يومًا مرة، وبعام مرة، وهي رواية ذَكَرها المؤلف، وفي بعض الروايات إطلاق، ليس فيها أيضًا ذكرٌ للمدة؛ إذن عدُّوا هذا اضطرابًا، وهذه علة أُخرى (١).

ثالثًا: يقدح في الرِّواية جمهور العلماء؛ لأنهم يَقُولون: إنَّها وَرَدتْ في كتابٍ، وحاملُهُ مجهولٌ، لكن هذه قضية ليست مُسلَّمة؛ لأن كتُبَ الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - بمنزلة ألفاظه ما دامت قد صحَّت تلك الكتابة أو الكتاب، لكن هؤلاء يقولون: إذا وازن بين هذا وبين أدلتنا، فأدلتنا سماعية، وهذا كتاب، فتكون أدلتنا أقوى سندًا.

رابعًا: اعتدُّوا بكثرة الروايات الواردة، وليست روايةً واحدةً، أو كتابًا واحدًا.

وَمِنْ روَاياتهم الكثيرة: ما جَاء في "الصحيحين "، ثمَّ يقولون: ولأنَّ الجلدَ يُطْلق عليه قبل الدَّبغ بأنه إهابٌ، وبعد الدَّبغ يُسمَّى جلدًا؛ ولذلك قال الرَّسول - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَنْتفعوا من المَيتة بإِهَابٍ، ولا عَصبٍ" (٢)، معنى هذا أنه قبل الدبغ.

وأحسَن الأقوَال في ذلك وأوجهها وأقربها: هو الجمع بين ذلك (٣).


(١) يُنظر: "نصب الراية" للزيلعي (١/ ١٢١) حيث قال: "وقال النووي في "الخلاصة": وحديث ابن عكيم أُعلَّ بأمور ثلاثة، أحدها: الاضطراب في سنده. والثاني: الاضطراب في متنه، فروي: "قبل موته بثلاثة أيام "، وروي: "بشهرين "، وروي: "بأربعين يومًا". والثالث: الاختلاف في صحبته. قال البيهقي وغيره: لا صحبة له، فهو مرسل ". انتهى.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) يُنظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٦٥٩) حيث قال: "وأقوى ما تمسك به مَنْ لم يأخذ بظاهره مُعَارضة الأحاديث الصحيحة له، وأنها عن سماعٍ، وهذا عن كتابةٍ، وأنها أصح مخارج. وأقوى من ذلك: الجمع بين الحديثين بحملً الإهاب على الجلد قبل الدباغ، وأنه بعد الدباغ لا يُسمَّى إهابًا، وإنما يُسمَّى قربةً وغير ذلك، وقد نقل ذلك عن أئمة اللغة كالنضر بن شميل … ".

<<  <  ج: ص:  >  >>