المُؤلِّف أدخلَ بعضَ هذه الأحَاديث، ومن هذه الأحَاديث ما هي أحاديث صحيحة مسلَّمة، منها ما هُوَ في "الصَّحيحين "، قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا دُبغَ الإهَاب فقَدْ طَهُرَ"(١).
ثمَّ يَخْتلف العلماء في المراد بالإهاب (٢)، ولا شكَّ أنه الجلد، لكن هل يُطْلق على الجلد قبل الدَّبغ أو بعد دَبْغه؟
قَالَ بَعْضهم: يُسَمَّى الجلد قبل الدَّبغ إهابًا، وبعد الدَّبغ يُسمَّى جلدًا (٣).
وبَعْضهم يعكس ذلك، وَسَنجد أنَّ مِنْ مناقشات الشافعية لغيرهم الذين يناقشون غيرهم من المَذَاهب الأُخرى في هذه المسألة ما يدلُّ على خطإ المؤلف في مَذْهب الشافعيَّة؛ حيث نجد أنَّ لَهُمْ ردودًا، وأنهم يستدلُّون بأنَّ الجلدَ قبل الدِّباغ يُسمَّى إهابًا، وبَعْضهم يُسمِّيه جلدًا، وهناك من يعكس؛ وهذا كله نقلًا عن العرب (٤).
والمقصود: أنَّ حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دبغ الإهاب فقد طهر"(٥)، المقصود بالإهاب فِيهِ هو الجلد، وهَذا نصٌّ صريح في أنَّ الإهَاب إذا دُبغَ فقد طَهُرَ، وهو نَصٌّ عامٌّ كمَا هو ظاهرٌ.
(١) ليس في "الصحيحين "، وإنما أخرجه مسلم (٣٦٦) عن ابن عباس. (٢) "الإهاب ": الجلد من البقر والغنم والوحش ما لم يدبغ. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (١/ ٢١٧) و"المصباح المنير" (١/ ٢٨). (٣) يطلق الفقهاء "الإهاب" على ما يطلقه عليه أهل اللغة. قال ابن الهمام في "فتح القدير" (١/ ٩٥): " (الإهاب: اسم لغير المدبوغ من الجلد وبعده يُسمَّى شنّا وأديمًا". (٤) يُنظر: "المجموع شرح المهذب" للنووي (١/ ٢١٥) حيث قال: "قال إمام اللغة والعربية أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد رحمه الله: الإهاب هو الجلد قبل أن يدبغ، وكذا ذكره أبو داود السجستاني في "سننه "، وحكاه عن النضر بن شميل، ولم يذكر غيره، وكذا قاله الجوهري وآخرون من أهل اللغة: وذكر الأزهري في شرح ألفاظ "المختصر" والخطابي وغيرهما أنه الجلد، ولم يقيدوه بما لم يدبغ ". (٥) تقدم تخريجه.