للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحريرٍ، فالمُؤلِّف وَهِمَ في قول الإمام الشافعيِّ؛ لأنَّ الشافعيَّ يرَى أنَّ كلَّ حيوَان دُبغ، فجلدُهُ طاهرٌ عدَا الكلب والخنزير.

قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ تَعَارُضُ الآثَارِ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ إِبَاحَةُ الانْتِفَاعِ بِهَا مُطْلَقًا).

أَوَّلًا: الأَحَاديثُ في ذَلكَ عدَّة، فَفِيمَا يتعلَّق بالزُّهري يَقُولون: إنَّهم استدلُّوا له بحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما "مرَّ بِشَاةِ ميمونة التي جاءتها مِنَ الصدقة هدية لها قال: "هَلَّا انتفعتم بجِلْدِهَما" (١)، وأطلَق، "هلَّا": أدَاة تحضير، و"انْتفَعتُمْ يَعْني: اسْتَفدتم بجلدها؛ فقالوا: هذا يستدلُّ به للزهري، ولم يفرق بين جلدٍ وجلدٍ، بل هو عامٌّ يشمل جميعَ أنواع الجلود؛ سَواء دُبغَتْ أو لم تُدْبغ.

وَفِي قَوْله: "هَلَّا انْتفَعتم بجِلْدِهَا"، الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - لم يفرق بين جِلْدٍ وجِلْدٍ، ولم يذكر الدباغ، وسوف يأتي في الرِّوَايات الأُخرى أنها تُدبَغ.

قوله: (وَذَلِكَ أَنَّ فِيهِ أَنَّهُ مَرَّ بِمَيْتَةٍ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بجِلْدِهَا؟ " (٢)، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُكَيْمٍ مَنْعُ الانْتِفَاعِ بِهَا مُطْلَقًا) (٣).


= أن الجلد يطهر بالدباغ، وزاد عليهم جلد الخنزير والفيل، فلعلهم أخذوا قوله بأن الدباغ يطهر عموم الجلد من هذا.
انظر: "المبسوط" للسرخسي (١/ ٢٠٢)، وفيه قال: "فأما جلد الخنزير، فقَدْ رُوِيَ عن أبي يوسف -رحمه الله تعالى- أنه يطهر بالدباغ أيضًا، وفي ظاهر الرواية لا يحتمل الدباغة، فإن له جلودًا مترادفةً بعضها فوق بعض كما للآدمي، وإنما لا يطهر لعَدَم احتماله المطهر وهو الدباغ، أو لأنَّ عينه نجس وجلده من عينه، فأما في سائر الحيوانات النجس ما اتصل بالعين من الدسومات".
وفي جلد الفيل انظر: "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (١/ ٨٦)، وفيه قال: "وأما جلد الفيل فذكر في "العيون" عن محمد أنه لا يطهر بالدباغ. وروي عن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه يطهر؛ لأنه ليس بنجس العين ".
(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>