للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخنزير فقط استدلُّوا بقول الله سبحانه وتعالى: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: ١٤٥]، لكن الشافعية قالوا: أَلْحَقُوا الكلبَ بالخنزير في النجاسة؛ للأحَاديث التي مرَّت بنا، ومنها: "إذَا وَلَغ الكَلب في إناء أحدكم … " (١).

قوله: (وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى تَأْثِيرِ الدِّبَاغِ فِي جَمِيعِ مِيتَاتِ الحَيَوَانِ مَا عَدَا الخِنْزِيرَ) (٢).

إذًا، هو أصَاب في مذهب أبي حنيفة في قول الإمام، أما أبو يوسف فيرى كل جلدٍ دُبِغَ؛ فهو طاهر.

قوله: (وَقَالَ دَاوُدُ: تُطَهِّرُ حَتَّى جِلْدَ الخِنْزِيرِ) (٣).

دَاوُدُ معَه أبو يُوسُف (٤) من الحنفية؛ إذًا الأقوال هُنا تحتاج إلى


= للجلود النجسة، فالدباغ تطهير للجلود كلها إلا جلد الإنسان والخنزير، كذا ذكر الكرخي … وقال عامة أصحاب الحديث: لا يطهر بالدباغ إلا جلد ما يؤكل لحمه، وقال الشافعي كما قلنا إلا في جلد الكلب؛ لأنه نجس العين عنده كالخنزير".
(١) أخرجه مسلم (٢٧٩) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه، ثم ليغسله سبع مرار".
(٢) تقدم قوله.
(٣) ذكره مذهبًا لداود الظاهري ابن رشد الجد في "البيان والتحصيل" (٣/ ٣٥٧) حيث قال: "والخامس: إنه يطهر جميع الجلود وجلد الخنزير، وهو مذهب داود بن علي من أهل الظاهر؛ لعموم قول النبي عليه الصلاة والسلام: "إذا دُبِغَ الإهاب، فقد طهر"؛ لأنَّهم يرون أن الإهابَ اسم لكل جلد".
ومذهب الظاهرية أيضًا.
يُنظر: "المحلى" لابن حزم (١/ ١٣٢، ١٣٣)، وفيه قال: "وأما شعر الخنزير وعظمه فحرام كله، لا يحل أن يتملك، ولا أن ينتفع بشيءٍ منه؛ لأن الله تعالى قال: {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: ١٤٥]، والضَّمير راجعٌ إلى أقرب مذكور، فالخنزير كله رجس، والرجس واجب اجتنابه بقوله تعالى: {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: ٩٠] حاشا الجلد، فإنه بالدباغ طاهر بعموم قوله عليه السلام: "وأيما إهاب دبغ، فقد طهر".
(٤) حكاه مذهبًا لأبي يوسف الماوردي في "الحاوي الكبير" (١/ ٥٦) حيث قال: "وقال أبو يوسف وداود: يطهر جلود جميعها بالدباغة". وقد وافق أبو يوسف الأحناف في=

<<  <  ج: ص:  >  >>