للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشريعة ولنصوصها؛ لأن الشريعة وضعت لنا غاية، ووضعت لنا علة، وسببًا، هذا السبب هو ما يُنبت لحمه، وما يُنشز (١) عظمه، وأنه يحصل من الجاعة بمعنى أن الطفل يستفيد من هذا اللبن.

* قوله: (المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ: وَأَمَّا هَلْ مِنْ شَرْطِ اللَّبَنِ المُحَرِّمِ إِذَا وَصَلَ إِلَى الحَلْقِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُخَالِطٍ لِغَيْرِهِ؟ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ أَيْضًا).

أي: هناك لبن يُعرف باللبن المحض، وهناك اللبن الخليط، أي: المخلوط بغيره. فنحن قد عرفنا أن العلماء قد أجمعوا على أنه إذا ارتضع الطفل من ثدي امرأةٍ، وتحقق بذلك الشروط التي ذكرها العلماء قبل؛ ومنها خمس رضعات، فإن ذلك يُحرِّم. ورأينا الخلاف في الوَجور وكذلك اللّدود، ورأينا أن أكثر العلماء يرون أن ذلك يُحرِّم كالارتضاع من المرأة مباشرة، وهذا هو الصحيح في نظرنا ولا فرق.

أما إذا خُلط هذا اللبن بغيره، فهل هذا الخليط يسلبه الحكم أم لا؟ أم أن هناك تفصيل؛ بمعنى: أنه إذا كثُر المخالِط فغلب على اللبن، وقد درسنا في أحكام الطهارة هنا أن الماء قد قسَّمه العلماء إلى أقسامٍ ثلاثة: طهور وطاهر ومطهِّر، ورأينا من ذلك أن الماء إذا خالطه أحد التغيرات كماء الورد أو الزعفران هل يؤثر فيه أم لا؟ فبعض العلماء قال: يؤثر مطلقًا، وبعضهم فصَّل القول في ذلك فقال: ما لم يسلبه اسمه؛ فإن قيل: ماء ورد أو ماء زعفران ونحو ذلك خرج على الاسم فلا يُصبح مطهِّرًا وهذا هو الصحيح، أما إذا كان قليلًا فلا. وعرفنا أن الماء الطهور لا يغيره إلا ما غيَّر لونه أو ريحه أو طعمه كما مر (٢).

فهذا اللبن إذا خالطه ماءٌ، أو نوع من أنواع الطعام فهل يؤثر عليه أم لا؟


(١) "نشز العظم نشوزًا"، أي: علا وارتفع. انظر: "طلبة الطلبة" للنسفي (ص ٤٩).
(٢) تقدَّمت المسألة في باب الطهارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>