للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل هذه الحقنة تُفطِّر الصائم أم لا؟ فبعضهم فسَّر القوله في ذلك؛ فقالوا: فرقٌ بين ما كان مغذيًا وما كان غير مغذي.

إذًا إذا كانت الحقنة مغذية فلماذا لا نلحقها؟ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وضع لنا علةً واضحة؛: "إنما الرضاعة من المجاعة" (١)، وقال: "الرضاعة ما أنشز اللحم وأنبت العظم" (٢). فهل هذه تغذي؟ الجواب: نعم.

إذًا العلة موجودة، فلماذا لا نجعلها تسري على الحقنة؟

كذلك تكلَّم العلماء فيما يتعلق لو أن هذا اللبن حُوِّل جُبنًا، فهل يحصل به أيضًا ما يحصل باللبن؟ (فالشافعية (٣)، والحنابلة (٤)) يقولون: نعم يحصل به ذلك، (وأبو حنيفة) (٥) يعارض في هذه المسألة؛ لأنه يرى أنه قد خرج عن مُسمَّاه؛ فالآن هذا اللبن قد أصبح يُسمَّى جبنًا، فلا يُسمى لبنًا. فتغيُّر الاسم عند أبي حنيفة له تأثير في تغيير المسمى، وعند الشافعية والحنابلة لا أثر لهذا التغير، بل إنما هو يُحرِّم. ولكن الوَجور - كما هو معلوم - ليس متَّفقًا عليه عند الحنابلة، فلهم الرواية المعروفة المشهورة (٦)


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٥/ ١٢٥) حيث قال: (ولو جبن) أو جعل منه أقط (أو نزع منه زبد) أو عجن به دقيق وأطعم الطفل من ذلك (حرم) لحصول التغذي به.
(٤) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ٢١٦) حيث قال: (ويحرم ما جبن) من لبن ثاب عن حمل ثم أطعم للطفل؛ لأنه واصل من حلق يحصل به انتشار العظم وإنبات اللحم. فحصل به التحريم كما لو شربه.
(٥) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٤/ ٩) حيث قال: ولو جعل اللبن مخيضًا أو رائبًا أو شيرازًا أو جبنًا أو أقطًا أو مصلًا فتناوله الصبي لا يثبت به الحرمة؛ لأن اسم الرضاع لا يقع عليه وكذا لا ينبت اللحم ولا ينشز العظم ولا يكتفي به الصبي في الاغتذاء فلا يحرم. انظر: "حاشية ابن عابدي" (رد المحتار) (٣/ ٢١٩).
ومذهب المالكية يُنظر: "حاشية الدسوقي" (٢/ ٥٠٣) حيث قال: والظاهر أن اللبن يحرم إذا جبن أو سمن، واستعمله الرضيع.
(٦) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ٢١٦) حيث قال: (وسعوط في أنف =

<<  <  ج: ص:  >  >>