للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُرَادُهُ بحَدِيثِ عَائشَةَ: قَوْله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ"، ومعناه: ما رَضَعه الصبي، فعصمه من الجوع.

ومعنى ذلك: أنَّه لو رضع بعد الحولين، من مجاعةٍ، فَعَصمه من الجوع، أنَّ هذا الرضاع محرِّم.

وهذا المعنى يُعَارضه في الظاهر آية: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}، فمعناها: أنه يكون للرضاع حكم التحريم إذا كان في الحولين، وكان قَدْر ما ترد به المجاعة، وهو ما قدَّرته السُّنَّة، وحدَّته بخمس رضعات، وما كان في غير مدة الحولين فلا يقع به التحريم.

* قوله: (المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: وَأَمَّا هَلْ يُحَرِّمُ الوَجُورُ (١)، وَاللَّدُودُ (٢)؟).

ويُلحق بهما السّعوط، ولكن المؤلف ذكر له مسألة صغيرة مستقلة.

و"الوجور": هو أن يُؤخذ اللبن إما أن يُصب في إناء، أو في كأس، أو يوضع في هذا الثدي الذي يرضع به الصغير، يُحلب من ثدي المرأة الأم ثم يُسقى إياه، أي: يُصبُّ في حلقه، هذا يُسمى بالوَجور بفتح الواو.

فهل هذا تقوم به الحُرمة كالحال بالنسبة للرضاع من المرأة؟ الأصل - كما هو معلوم - أن الارتضاع إنما يكون من الثدي؛ بمعنى: أن يلتقم الصغير الثدي فيمتصه. وقد عرفنا أو رجَّحنا أن الرضعات التي تُحرّم هي خمس، وقد مر ذلك بشيءٍ من التفصيل في حديث عائشة - رضي الله عنها -: "كان فيما نزل من القرآن عشر رضعاتٍ معلوماتٍ يُحرِّمن، ثم نُسخْن بخمس، فتُوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهنَّ فيما يُقرأ من القرآن" (٣). وقد بينَّا المراد من هذا الحديث.


(١) "الوجور": الدواء يوجر في وسط الفم. انظر: "الصحاح" للجوهري (٢/ ٨٤٤).
(٢) "اللدود": هو ما يصب من الأدوية في أحد شقي الفم. انظر: "الصحاح" للجوهري (٢/ ٥٣٥).
(٣) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>