للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس هو قول زُفر، وإنما هو أيضًا قول الإمامين الشافعي وأحمد، فنحن فصلنا وأوجزنا أن مَن قال بالعامين هما الإمامان (الشافعي وأحمد)، ومنهم من قال بالعامين لكن زاد عليه قليلًا وهو (مالك)، ومنهم من زاد ستة أشهر وهو (أبو حنيفة) في رواية. ومنهم مَن رأى أن إرضاع الكبير أيضًا يُحرِّم؛ واستدلُّوا بقصة سالم، وقد وقفنا عند هذه المسألة كثيرًا، وعلَّقنا عليها.

* قوله: (وَاسْتَحْسَنَ مَالِكٌ التَّحْرِيمَ فِي الزِّيَادَةِ اليَسِيرَةِ عَلَى العَامَيْنِ. وَفِي قَوْلٍ الشَّهْرُ عَنْهُ (١)، وَفِي قَوْلٍ عَنْهُ: إِلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ (٢). وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: "حَوْلَانِ وَسِتَّةُ شُهُورٍ" (٣)).

واستدلَّ أبو حنيفة بقوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥]، لكن رُدَّ على هذا، وأن المراد بالحمل ليس كما فسَّر أبو حنيفة، وإنما هو الحمل المعتاد، والمراد به: أن مدَّة الرضاع حولين، وقد يولد المولود أيضًا لستة أشهر؛ وقصّة عليِّ بن أبي طالب في ذلك معروفة، في قصة المرأة التي ولدت بعد ستة أشهر.

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ مَا يُظَنُّ مِنْ مُعَارَضَةِ آيةِ الرَّضَاعِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ المُتَقَدِّمِ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: ٢٣٣]، يُوهِمُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى هَذَيْنِ الحَوْلَيْنِ لَيْسَ هُوَ رَضَاعَ مَجَاعَةٍ مِنَ اللَّبَنِ، وَقَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ" - يَقْتَضِي عُمُومُهُ أَنَّ مَا دَامَ الطِّفْلُ غِذَاؤهُ اللَّبَنُ أَنَّ ذَلِكَ الرَّضَاعَ يُحَرِّم".


(١) يُنظر: "شرح ابن ناجي على متن الرسالة" (٢/ ٨٩) حيث قال: وقيل باعتبار شهر فقط رواه ابن الماجشون.
(٢) يُنظر: "شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة" (٢/ ٨٩) حيث قال: "وروى أبو الوليد اعتبار ثلاثة أشهر". وانظر: "التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب" لخليل (٥/ ١١٣).
(٣) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>