الرضيع قد يستغني عن اللبن وقد لا يستغني، فربما تُرضع الأمُّ طفلها مدة عام، أو أقل من ذلك، أو أكثر، لكن لبنها يجف، وربما أن الطفل يعزف عن ذلك الثدي ولا يريد اللبن، وربما يكون عنده من النشاط والحيوية والقوة ما يمكنه أن يتناول شيئًا من الطعام، ولو كان ذلك الطعام خفيفًا فيتغذى به.
إذًا ليس شرطًا أنه يُفطم، لكن ربما يترك ذلك، أو يأتي سببٌ من الأسباب يدعو إلى ذلك فربّما يُفطم، وبعض الأطفال قد يُفطم وهو ابن سنة، أو دون ذلك أو أكثر، فليس شرطًا أن يصل إلى السنتين، لكن السن الذي يحصل به التمام والكمال إنما هما الحولان، وهذا أمر نصَّ اللّه عليه سبحانه وتعالى في كتابه العزيز حين قال:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}[البقرة: ٢٣٣]، بيَّن الله سبحانه وتعالى أن تمام الرضاعة إنما يحصل بعامين، وفي قراءة:{لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}، معنى هذا: أنه قد يُفطم الصبي قبل ذلك.
مراد الإمام مالك ومعه بعض المالكية - رحمهم الله جميعًا - أنه لو فُطم الإنسان مثلًا لمدة عام ونصف، لثمانية عشر شهرًا، ثمَّ بعد ذلك رضع هل هذا الرضاع يُعتبر أم لا؟ فالإمام مالك يرى أنه لا يُحرِّم.
(١) يُنظر: "حاشية الدسوقي" (٢/ ٥٠٣) حيث قال: فإن استغنى بالطعام بعد الفطام كان غير محرم، ولو كان الاستغناء في الحولين (قوله: وسواء كان الاستغناء فيهما إلخ) صوابه وسواء رضع فيهما بعد الاستغناء بمدة قريبة أو بعيدة على المشهور؛ لأن القرب والبعد إنما يعتبران بين الاستغناء والعود للرضاع.