للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التحريم إنما هو في الصغر، لكن ليس لنا دليل صريح يدلُّ على أن الكبير لا يمكن أن يُرضَع، إذ لم يأتِ دليلٌ صريحٌ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخصّ سالمًا بذلك.

والرسول - صلى الله عليه وسلم - مُبلِّغ، وأن ذلك جاء بنص الكتاب العزيز حيث قال تعالى اسمه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: ٤٤]، أي: ليبين لهم الذي اختلفوا فيه، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يبيِّن للناس الحق؛ إذ أرسله الله سبحانه تعالى للناس بشيرًا ونذيرًا، إلى الناس كافة إنسِهم وجنِّهم كبيرِهم وصغيرِهم.

ويقول علماء الأصول: "تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز" (١).

فالرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يَرد عنه أنه خَصَّ ذلك بسالم؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نبَّه على ذلك كما جاء في بعض الأدلة، فقد أطلق الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

إذًا يكون التحريم في الصِغَر لكن لو ظهرت ظاهرة، أو وقعت واقعة كالتي أُحرج فيها أبو حذيفة - رضي الله عنه - وزوجه أيضًا سهلة بنت سُهيل؛ فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رفع هذا الإشكال وحلَّه فقد رأى أنه يُرضع في هذه الحالة وتجوز.

هذا قولٌ قال به أحد العلماء، وذهب أكابر العلماء من الصحابة ومن التابعين ومن الأئمة الأربعة إلى تحديد ذلك في الحولين، والله أعلم.


(١) يُنظر: "شرح الكوكب المنير" لابن النجار (٣/ ٤٥١) حيث قال: "ولا يؤخر"، أي: لا يجوز تأخير البيان "عن وقت الحاجة" وصورته: أن يقول "صلوا غدًا" ثم لا يبين لهم في غد كيف يصلون ونحو ذلك؛ لأنه تكليف بما لا يطاق. وجوزه من أجاز تكليف المحال. وهذا هو الراجح عند العلماء، خلافًا للمعتزلة؛ لأن العلة في عدم وقوع التأخير عن وقت العمل: أن الإتيان بالشيء مع عدم العلم به ممتنع، فالتكليف بذلك تكليف بما لا يطاق، فلا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة. وانظر: "شرح تنقيح الفصول" للقرافي (ص ٢٨٢)، "العدة في أصول الفقه" لابن الفراء (٣/ ٧٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>