والمسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن أزهر، وأنهم أرسلوا كُريبًا مولى ابن عباس إلى عائشة فأحالته إلى أمِّ المؤمنين أمّ سلمة؛ لأنَّ أمَّ سلمة لديها أمر لم يكن عند عائشة؛ لأنها هي التي سألت الرسول - صلى الله عليه وسلم - فبيَّن لها الحكم؛ لأنه لمَّا صلَّى بعد العصر سُئِل والتي سألته هي أمُّ سلمة كما جاء في بعض الروايات؛ لأنه نهى عن الركعتين بعد العصر وصلاها! فأرادت أن تعرف السبب، وأرادت أن تعرف هل هذا خاصٌّ بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، فبيّن لها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو المهتم بأمر الإسلام والمسلمين بأن جاءه أمر جلل، جاءه وفد من بني عبد القيس بإسلام قوم، قال:"فشغلوني عن الركعتين بعد الظهر فهما هاتان الركعتان"(١).
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - لم ينساهما، لكنه انشغل بأمر يهمُّ المسلمين، ولذلك لما فرغ صلى الركعتين بعد العصر.
قد أشرنا إشارة خفيفة إلى أن من العلماء المحققين، الذين جاهدوا بسيوفهم وبأقلامهم وبألسنتهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وهذا الرجل وقّفَ نفسه للدفاع عن الدين ونصرةً لدين الله ونصرة المؤمنين، وعاش في زمن أحوج ما يكون ذلك الزمن إلى أمثال ذلك العالم الجليل، الذي كان يُعدُّ قبسًا من نور أنار في دياجير (٢) الظلام، إنه كان يُمثل أمَّة، فرحمه الله
(١) أخرجه البخاري (١٢٣٣) ومسلم (٨٣٤)، وفيه: " … فقالت أم سلمة - رضي الله عنها -: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عنها، ثم رأيته يصليهما حين صلى العصر، ثم دخل عليَّ وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار، فأرسلت إليه الجارية، فقلت: قومي بجنبه فقولي له: تقول لك أم سلمة: يا رسول الله، سمعتك تنهى عن هاتين، وأراك تصليهما، فإن أشار بيده، فاستأخري عنه، ففعلت الجارية، فأشار بيده، فاستأخرت عنه، فلما انصرف قال: "يا بنت أبي أمية، سألت عن الركعتين بعد العصر، وإنه أتاني ناس من عبد القيس، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان"". (٢) "الدياجير": جمع ديجور وهو الظلام. والياء والواو زائدتان. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٢/ ١٤٧).