وفَّقه الله سبحانه وتعالى فأعطاه قسطًا من العلم وأرشده إلى هذا الطريق السويِّ لينشغل بالعلم وليثاب على ذلك إذا أخلص في الحياة الدنيا وينال السعادة في الآخرة دائمًا، ويجب عندما تحصل مثل هذه المسألة فإنه في ذلك يُرجح ما يظهر له قوَّة رجحانه، فإن لم يتبيَّن فإنه يأخذ بما هو أحوط، فهناك مَن يحرم ومن لا يحرم، وإذا ترددت في أمر فلا تقطع به، فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد وضع لك قاعدة ثابتة بقوله:"دعْ ما يُريبك إلى ما لا يريبك"(١).
وهو سالم؛ إذ كان حليفًا لأبي حذيفة تبنَّاه وأصبح يعيش في بيته وفي بيت زوجته.
وحال المسلمون فيما مضى ليست كحالتنا اليوم، ربما يشكو بعضنا من القلة وبأنَّ الدنيا لم تنفتح له كما انفتحت لغيره، وأنه لا يجد متطلبات كل هذه الحاجات، فهناك ضروريات وهناك حاجيات وهناك كماليات، فالضروريات مطلوبة لكل إنسان، والحاجيات لا شكَّ أنها مطلوبة، لكنها لا تصل إلى درجة الضروريات.
أما الكماليات فليست شرطًا أن تأكل في كلِّ يوم الفاكهة واللحم
(١) جزء من حديث أخرجه الترمذي (٢٥١٨) عن الحسن بن عليّ: قال: حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دَعْ ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة" وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٢). (٢) "وقائع الأعيان": جمع واقعة، وهي المسألة الحادثة المستفسر عن حكمها، وهي تخصّ شخصًا بعينه أو جماعة بعينها. انظر: "موسوعة القواعد الفقهية" لمحمد صدقي آل بورنو (١٢/ ٢٢٥). وينظر: "البحر المحيط" للزركشي (٤/ ٢٥٩) حيث قال: هو أن خطاب رسول الله - عليه الصلاة والسلام - إذا اختصَّ بشخص في حكاية حال، فحكم الصيغة اختصاص الحكم بالمخاطب.