للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغذاء وهو اللبن الذي ينزل في جوفِ هذا الصَّغير فيستقرّ في معدته وتمتصه هذه المعدة فيسري في دمهِ فينقله إلى جميع أجزاء البدن فيتكون منه هذا الجسم وهو جزء من جسم هذه المرضعة؛ إذًا لا شكَّ أنه تأثَّر بذلك، فإنما الرضاعة من المجاعة.

وهي جملة اسمية دخلت عليها إنما، وإنما أداة "حصر"، وهذه من أقوى المؤكِّدات التي يؤكَّد بها في علم البلاغة (١).

إذًا أكَّد الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أنَّ الرضاعة من المجاعة"، فهل معنى هذا أنها لا تنتشر في الكبير؟!

إذًا أول الحديث: "ائذن لإخوانكن إنما الرضاعة من المجاعة" هذا الشطر من الحديث يصلح أن يُحتَجَّ به.

فهنا أطلق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهذا حُجَّة للذين يقولون أنَّ الرضاعة تسري للكبير، ثم إن الشطر الأخير من الحديث أقوى حجة للذين يقولون: بأنه في حدود العامين أو في وقت الفطام.

والذين قالوا: بأنه يمتدُّ إلى الكبير استدلّوا أيضًا بما حصل من عائشة - رضي الله عنها - فإنها كانت تطلب من بنات أخواتها وإخوانها أن يرضعن من ترغب دخولهن عليها، هذه كلّها من الحُجَج التي يتمسَّك بها هؤلاء.

* قوله: (فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى تَرْجِيحِ هَذَا الحَدِيثِ قَالَ: لَا يُحَرِّمُ اللَّبَنُ الَّذِي لَا يَقُومُ لِلْمُرْضَعِ مَقَامَ الغِذَاءِ).

لكنَّ الذين قالوا: يسري للكبير قالوا: لا إطلاق لهذا الحديث: "إنما


(١) يُنظر: "الإيضاح في علوم البلاغة"، للقزويني (٣/ ٢٤): ومنها [من طرق القصر والحصر]: إنما: كقولك في قصر الموصوف على الصفة أفرادًا: إنما زيد كاتب. وقلبًا: إنما زيد قائم. وفي قصر الصفة على الموصوف بالاعتبارين: إنما قائم زيد.
وللقصرِ طُرُقٌ كثيرة، منها: القصرُ بالنَّفي والاستثناء، والقصر بـ (إنَّما)، والقصرُ بتقديم ما حَقُّه التآخير، وغيرُ ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>