للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب جماهير العلماء الذين حدّدوا ذلك بالحولين ومنهم الأئمة الأربعة إلى أن ذلك إمَّا منسوخ أو خاص، ودعوى النسخ قالوا عنها: أن ذلك حصل في أوائل هجرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من مكَّة إلى المدينة.

إذ بقي بمكة بعد البعثة ثلاثة عشر عامًا يدعو الناس إلى توحيد الله سبحانه وتعالى وإلى نبذ عبادة الأوثان، وإلى تطهير العقيدة مما علق بها من شركيات، وعانى ولقي من الأذى ما لقيه من قومه إلى أن هاجر - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة فتلقاه الأنصار وناصروه.

فيقول العلماء: كان هذا في أوَّل الهجرة، وفيما يتعلق بتحديد الرضاع أو سن الرضاع إنما كان متأخِّرًا، فقالوا: إذًا هناك نسخ، فالمتأخِّر ناسخ للمتقدم، لكنه دائمًا إنما يُلجأ إلى النسخ عند تعذُّر الجمع، والجمع ممكن كما قال به بعض العلماء، وكذلك إنما يُرْجَع إلى النسخ إذا لم يكن هناك راجح ومرجوح وهذا ممكن في هذا المقام.

ومن العلماء مَن قال: بأنه عام وهذا قول عائشة - رضي الله عنها - ومن تبعها.

ومنهم من قال: بأنَّه خاصٌّ، وهذا قول بعض أزواج الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهذا ظنًا منهم، ولم يكن مقطوعًا به، وإنما كُنَّ يظنن ذلك، والظنُّ قد يصل أو يقرب من اليقين كما قال تعالى: {وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ} [التوبة: ١١٨] فهنا تيقَّنوا.

وربما يأتي الظنُّ دون اليقين فيكون مرتبة بين اليقين وبين الشكِّ، وهذا أمر معروفٌ ومُبيّن، وهناك مَن رأى بأنه منسوخ وقد تكلَّمنا عن ذلك، ومدار الخلاف إنما هو حول حديث عائشة - رضي الله عنها -.

* قوله: (فَقَالَ مَالِكٌ (١)، وَأَبُو حَنِيفَةَ (٢)، وَالشَّافِعِيُّ (٣)، وَكَافَّةُ الفُقَهَاءِ).


= الكبير تحرم كما تحرم رضاعة الصغير وهو قول عطاء … وقال بقول الليث قوم منهم ابن علية. ولم أقف على من نسبه لعروة إلا أنه راوي الحديث عن عائشة.
(١) تقدَّم.
(٢) تقدَّم.
(٣) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>