إذًا هذا نصٌّ صريحٌ فيما يتعلق بأمر سالم مولى أبي حذيفة، فهل هذه قضية عين كما يقول الأصوليون (١) لا تتجاوز سالم إلى غيره، وهناك قضايا خُصَّ بها أناس منها قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (٢٠٧)} (٢)[البقرة: ٢٠٧].
لكن هناك قضايا جاء التنصيص وأُطلقت، فعائشة - رضي الله عنها - وهي راوية القصة هي التي روت لنا هذا الخبر وهي التي عاصرته، وكانت ترويه وهو حديث متفق عليه (٣)، وتطبقه تطبيقًا عمليًّا، فهي كانت توصِّي بنات أخواتها وبنات أخوتها أن يُرضِعوا مَن تحب أن يدخل عليها (٤)، وينظر إليها فكانت توصي بذلك، فعائشة هي التي روت ذلك، وهي صاحبة القصة كما يقول بعض العلماء، وكانت تقف عند ذلك.
ومن العلماء من قال: بأن ذلك خاصٌّ بسالم وهذا قول أمّ سلمة زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٥)، ونُسب إلى عروة بن الزبير وبعض التابعين (٦).
(١) ستأتي. (٢) أخرج الطبري في "تفسيره" (٤/ ٢٤٨) عن عكرمة: في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}، قال: نزلت في صهيب بن سنان، وأبي ذر الغفاري جندب بن السكن أخذ أهل أبي ذرٍّ أبا ذر، فانفلت منهم، فقدم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما رجع مهاجرًا عرضوا له، وكانوا بمر الظهران، فانفلت أيضًا حتى قدم على النبي عليه الصلاة والسلام. وأما صهيب فأخذه أهله، فافتدى منهم بماله، ثم خرج مهاجرًا فأدركه قنقذ بن عمير بن جدعان، فخرج له مما بقي من ماله، وخلى سبيله. (٣) تقدَّم تخريجه. (٤) أخرجه أبو داود (٢٠٦١) وفيه: فبذلك كانت عائشة - رضي الله عنها - تأمر بنات أخواتها وبنات إخوتها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها، وإن كان كبيرًا خمس رضعات، ثم يدخل عليها وأبت أم سلمة وسائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدخلن عليهن بتلك الرضاعة أحدًا من الناس. وقال الألباني في صحيح أبي داود - "الأم" (١٧٩٩) إسناده صحيح على شرط البخاري. (٥) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر - دار الفلاح (٨/ ٥٦١) حيث قال: وليس يخلو الأمر في قصة سالم … أو خاصًّا لسالم، كما قالت أم سلمة، وسائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -. (٦) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٢٥٥) حيث قال: فذهب الليث إلى أن رضاعة =