قال: وزَعَم يونسُ أن أبا عمرٍو كان يَجُرُّ البخلَ، ويجعلُ "لا" مضافةً إليه، أراد: أبى جودُه "لا" التي هي للبخلِ. ويجعلُ "لا" مضافةً؛ لأن "لا" قد تكونُ للجودِ والبخلِ؛ لأنه لو قال له: امنعِ الحقَّ ولا تُعْطِ المساكينَ. فقال:"لا". كان هذا جودًا منه.
وقال بعضُ نحويى الكوفةِ (٢) نحوَ القولِ الذي ذكرْناه عن البصريِّ (٣) في معناه وتأويلِه، غيرَ أنه زَعَم أن العلةَ في دخولِ "لا" في قولِه: ﴿أَلَّا تَسْجُدَ﴾. أن في أولِ الكلامِ جحدًا، يعنى قولَه: ﴿لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾. وأن العربَ ربما أعادوا في الكلامِ الذي فيه جحدٌ، جحدًا، كالاستيثاقِ (٤) والتوكيدِ له، قال: وذلك كقولِهم (٥):
فأعادَ على الجحدِ الذي هو "ما" جحدًا، وهو قولُه:"إنْ".
فجَمَعَهما للتوكيدِ.
(١) في المحكم: "الجوس"، هو بمعنى الجوع، وفى أمالي ابن الشجرى، وشرح شواهد المغنى: "الجود". وكذا أثبتها ناشرو المطبوعة عن هذه المصادر. (٢) ينظر معاني القرآن للفراء ١/ ٣٧٤. (٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "البصريين". (٤) في الأصل، ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "كالاستئناف". (٥) البيت في معاني القرآن للفراء ١/ ١٧٦، ٣٧٤. (٦) الفوالج جمع الفالج: الجمل الضخم ذو السنامين يحمل من السند للفحلة. الصحاح (ف ل ج).