فالإمام مالك والثوري وجماعة من أهل العلم ذهبوا إلى عدم التفريق بين وقوع ظهار الأمة وظهار الزوجة الحرة، أمَّا بقية العلماء - أبو حنيفة والشافعي وأحمد - فيذهبون إلى أن ظهار الأمة لا يقع (١).
و"المدبرة": هي التي يُعلِّق سَيِّدُها عِتقَها على موته، بحيثُ يقول: إن مِتُّ فأَمتي فلانة حرةٌ)؛ لأنه إن لم يقل ذلك فإنها حال موته تنتقل إلى وَرَثَتِهِ.
وهذا القول الذي ذهب إليه الأئمة الثلاثة إنما هو مرويٌّ عن اثنين من الصحابة لم يُعرَف لهما مخالفٌ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد رواه عبد الله بن عُمَرَ (٦)
(١) سيأتي تخريجه في المتن. (٢) يُنظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (٥/ ٣٠)، حيث قال: " (يصح) الظهار (من كل زوج) فلا تصح مظاهرة السيد من أمته ولو كانت، أم ولد؛ لأن الله تعالى أناط حكمه بالنساء، ومطلقه ينصرف إلى الزوجات". (٣) يُنظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي" للمرغيناني (٢/ ٢٦٦)، حيث قال: "ولا يكون الظهار إلا من الزوجة حتى لو ظاهر من أمته لم يكن مظاهرًا". (٤) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ١٦٧)، حيث قال: " (فلا) يصح ظهار (من أمته أو أم ولده ويكفر) سيد قال لأمته أو أم ولده: أنت عليّ كظهر أمي (كيمين يحنث فيها) كما لو حلف لا يطؤها ثم وطئها، قال نافع: "حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاريته فأمره الله أن يكفر يمينه"". (٥) قول أبي ثور مثل قول مالك أنه يكون مظاهرًا، ينظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٠/ ٤٢٦)، حيث قال: "إذا ظاهر الرجل من أمته لم يكن مظاهرًا، وبه قال ابن عمر وهو مذهب أبي حنيفة وأكثر الفقهاء. وقال مالك: "يكون مظاهرًا"، وهو قول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وبه قال الثوري وأبو ثور". (٦) يُنظر: "بحر المذهب" للروياني (١٠/ ٢٥١)، حيث قال: "لا يصح الظهار إلا من الزوجات، فأما من الإماء وأمهات الأولاد لا يصح، وبه قال ابن عمر، وعبد الله بن عمرو".