فللإمام أحمد في هذه المسألة روايتان، إحداهما يتفق فيها مع مذهب مالكٍ، والأخرى توافق مذهب الشافعي.
قوله: (وَسَبَبُ الخِلَافِ: مُعَارَضَةُ إِقْرَارِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْمُطَلِّقِ بَيْنَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا فِي لَفْظَةٍ وَاحِدَةٍ لِمَفْهُومِ الكِتَابِ فِي حُكْمِ الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ، وَالحَدِيثُ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ هُوَ:"مَا ثَبَتَ مِنْ "أَنَّ العَجْلَانِيَّ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ الفَرَاغِ مِنَ المُلَاعَنَةِ" (١). قَالَ: "فَلَوْ كَانَ بِدْعَةً، لَمَا أَقَرَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ") (٢).
يُشير المؤلف بهذا الإقرار الذي احتجَّ به الشافعي إلى قضية الملاعنة في قصة العجلاني، لما طلق امرأته ثلاثًا بحضرة الرسول، ولم يُنكِر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك عليه، ولو كان الطلاق الثلاث في مجلسٍ واحدٍ بدعةً لأنكره الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه لا يُقِرُّ أحدًا على خطأ.
فالإمام مالكٌ ومعه أحمد في روايةٍ يعتبران الطلاق الثلاث إغلاقًا
= اختارها الخرقي. وقدمها في الروضة. والمحرر، والنظم، والحاوي الصغير. وجزم به في المنور. قال الطوفي: ظاهر المذهب أنه ليس ببدعة". (١) أخرجه البخاري (٥٢٥٩) وفيه: "فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، فلما فرغا، قال عويمر: كذبت عليها يا رسول اللّه إن أمسكتها، فطلقها ثلاثًا، قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". (٢) قال الشافعي في الأم (٥/ ١٩٣): "ولو كان ذلك شيئًا محظورًا عليه نهاه النبي - صلى الله عليه وسلم - ليعلمه وجماعة من حضره".